من هي قوى الشد العكسي ؟ .. تيسير النعيمات
30-07-2012 09:25 PM
كثرت الدعوات في الآونة الاخيرة من قبل اطراف وطنية متنوعة لوضع قانون جديد للانتخاب وترحيل الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية او حكومة انقاذ ،وطني، او حكومة ائتلاف وطني وتحذيرات من انه اذا لم يتم ذلك فان البلاد مقبلة على حالة انفجار، ومطلقوا هذه الدعوات لا يرون ما انجز من اصلاحات او ان هذه الاصلاحات لا معنى لها ان لم يتم وضع قانون انتخاب بالمواصفات التي يردونها هم .
حسنا لنعد الى الخلف قليلا ،عاما ونصف فقط ،اي وقت تكليف الدكتور معروف البخيت تشكيل حكومته الثانية لنتذكر ان كان هناك خطوات اصلاحية حقيقية انجزت منذ ذلك الوقت تشكل اساسا قويا لاصلاح في البلد يستمر ويتواصل ويمكن البناء على اساساته .
عند تكليف البخيت تشكيل حكومته عرض على الحركة الاسلامية المشاركة في حكومته ، فرفضت الحركة لان اسم البخيت ارتبط ( بتزوير الانتخابات النيابية عام 2007 ، وبقضية الكازينو ، وبعلاقة متوترة مع الحركة الاسلامية في حكومته الاولى ).
حكومة البخيت الثانية قررت في اول جلسة عقدتها تعديل قانون الاجتماعات العامة لجهة اشعار الحاكم الاداري باي فعالية تريد تنظيمها بدلا من الحصول على موافقته وهذا ما كانت تطالب به جميع احزاب المعارضة والعديد من الفعاليات والشخصيات السياسية ومنظمات حقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني ، اضافة الى ان الحكومة اعلنت استعدادها لدراسة انشاء نقابة للمعلمين وانجزت هذه النقابة ثم قررت اعادة النظر في مدونة السلوك الاعلامي لا بل وجمدتها فعليا وهي المدونة التي اعتبرت من قبل الكثيرين تقيد الحريات الصحفية .
بعد ذلك تشكلت لجنة الحوار الوطني وضمت ثلاثة من ابرز قيادات الحركة الاسلامية اضافة الى نقيب المهندسين الزراعيين رئيس مجلس النقباء وهو من الحركة الاسلامية ورئيس اتحاد طلبة الجامعة الاردنية وهو من الاتجاه الاسلامي فاعلنت الحركة الاسلامية رفضها الانضمام الى لجنة الحوار ووضعت شروطا للالتحاق بها فدخل رئيس اللجنة رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري في حوار مع الحركة وتمت الاستجابة الى جميع شروطها الى ان الحركة رغم ذلك اصرت على موقفها وقاطعت اجتماعات لجنة الحوار الوطني .
هذه اللجنة التي ابقت ابوابها مفتوحة للحركة الاسلامية انهت عملها وتشكلت مخرجاتها من اربعة محاور رئيسة هي الديباجة ، قانون الانتخاب ، قانون الاحزاب ، توصيات بتعديلات لمواد في الدستور ، ومن القضايا التي شهدت خلاقات حادة بين اعضاء اللجنة النظام الانتخابي الا انها تمكنت من التوافق على النظام المختلط الذي يتضمن قائمتين مفتوحتين واحدة على مستوى المحافظة واخرى على مستوى الوطن فرفضت الحركة الاسلامية الصيغة المقترحة للنظام الانتخابي .
وتعاملت الدولة ايضا مع المطالبات بالعودة الى دستور 1952 وتم تشكيل لجنة لهذه الغاية قامت بتعديل 42 مادة وتجاوزت هذه التعديلات في حجمها ونوعيتها المطالبات بالعودة الى دستور 1952 ومن بين هذه التعديلات تشكيل هيئة مستقلة للاشراف وادارة الانتخابات وتشكيل محمكة دستورية وهما مطلبان دائمان للمعارضة ومن ضمنها الحركة الاسلامية ، فضلا عن العديد من التعديلات التي رفعت سقف الحريات العامة وصانت القضاء وعززت استقلالية وحصنته وعززت مبدأ الفصل بين السلطات لا بل حصنت مجلس النواب من تغول الحكومات كما كانت تردد المعارضة فضلا عن ان حصول اي حكومة على ثقة مجلس النواب اصبح اكثر صعوبة وتم تمديد مدة الدورة البرلمانية واصبح الطعن في صحة النيابة امام القضاء بدلا من مجلس النواب وغيرها العديد من التعديلات التي تشكل نقلة نوعية وحجر اساس قوي لعملية الاصلاح .
رد الحركة الاسلامية على كل هذه التعديلات انها شكلية وغير كافية وطالبت بتعديل مواد محددة من الدستور تجعل جلالة الملك يملك ولا يحكم .
بعد كل ما انجز اعتبرت احزاب المعارضة والحركة الاسلامية تحديدا وعدد من الكتاب والصحفيين ان حكومة البخيت حكومة تأزيم وطالبوا جميعا بل ونصح بعضهم بترحيل الحكومة وهذا ما تم .
واثر ذلك كلف القاضي الدولي عون الخصاونه بتشكيل حكومة جديدة وعرض الخصاونه على الحركة الاسلامية المشاركة في حكومته وكان يأمل ويتوقع المشاركة فالاسباب التي ساقتها الحركة الاسلامية لرفضها المشاركة في حكومة البخيت لم تعد موجودة عند تكليف الخصاونه تشكيل الحكومة فكان رد الحركة الاسلامية الرفض .
حكومة الخصاونه انجزت مشروع قانون انتخاب يتضمن صويتن للدائرة الانتخابية وثالث للقائمة المغلقة فرفضت الحركة الاسلامية والعديد من الكتاب القانون ، الذي عدل عليه مجلس الامة ليصبح بصوتين واحد للدائرة واخر للقائمة ثم وجه جلالة الملك بتعديل القانون فارسلت الحكومة تعديلا تضمن زيادة عدد مقاعد القائمة الوطنية فرفضت الحركة الاسلامية واحزاب وكتاب هذا القانون واصروا على تسميته قانون الصوت الواحد رغم انه قانون صوتين واحد للدائرة واخر للقائمة الوطنية . وللتذكير فقط فان مطلب احزاب المعارضة والحركة الاسلامية الدائم ومنذ سنوات قانون انتخاب بصوتين واحد للدائرة واخر للقائمة على ان تكون المقاعد مناصفة بينهما اي نفس المبدأ في القانون الذي اقره مجلس النواب مع فارق عدد المقاعد المخصصة للدائرة والمخصصة للقائمة وعند زيادة عدد مقاعد القائمة الى 27 اكد قادة الحركة الاسلامية ان مشكلتهم ليست في عدد المقاعد وان زيادتها الى اي رقم لن يغير موقفهم من رفض القانون ومقاطعة الانتخاب .
اعتذر عن الاطالة فيما سقته سابقا والذي جاء لنتذكر معا ،واتساءل الان هل كل ما انجز في عملية الاصلاح شكلي وغير كاف ؟ ، والى متى سيبقى البعض مصرا على رفض حتى ما كان يطالب به ؟
ومن العجب العجاب ان يناشد قيادي من الحركة الاسلامية جلالة الملك التدخل والدفع لوضع قانون انتخاب يفرض على الحكومة ومجلس الامة كما ترغب الحركة الاسلامية في الوقت نفسه الذي تطالب فيه الحركة بتعديل مواد في الدستور تقلص من صلاحيات جلالة الملك وصولا الى ملك يملك ولا يحكم ولا ندري ماذا ستطلب الحركة الاسلامية بعد ذلك ؟ !.
وعندما يطالب" الاصلاحيون جدا " بتعديل قانون الانتخاب وتسأل ماذا لو رفض مجلس الامة القانون فيأتيك الجواب منهم نعرف كيف يمكن للديوان والاجهزة الامنية التدخل لتمرير القانون ... سبحان الله التدخل المزعوم للديوان والاجهزة الامنية مرفوض الا اذا كان لقانون يلبي رغبتهم فيصبح مطلوبا ومشروعا !!.
لا بل ان ( الديموقراطيين والاصلاحيين جدا ) يجتهدون في ايجاد المخارج فيذكرون صاحب القرار ان بامكانه اعلان حالة الطواريء بذريعة الاوضاع في سوريا وهو ما يسمح بوضع قانون انتخاب مؤقت بالكيفية التي يريدون ...عجبا اعلان حالة الطواريء وقانون مؤقت وانتم من ترفضون دائما القوانين المؤقتة وتعطيل اي قانون يتعلق بالحريات !!.
او يقترحون ترحيل الحكومة وتشكيل حكومة انقاذ وطني تارة وحكومة وحدة وطنية اخرى وحكومة ائتلاف وطني اخيرا وارجاء الانتخابات .
ارجوا منهم بداية ان يقدموا لنا تعريفا للحكومات الثلاث وان يخبرونا بين من ومن سيكون الائتلاف للحكومة في الاردن وحتى لا يتشتت صاحب القرار ان يتفقوا على اي نوع من الحكومات يقترحون .
ختاما ما نسمعه ونقرأه من الحركة الاسلامية وبعض الكتاب رفض لكل شيء حتى لما سبق وان طالبوا به واكدوا انه المخرج " لحالة الاستعصاء السياسي " !.
اليس ما انجز من اصلاحات يكفي ليشكل حجر اساس لبناء الاصلاح المستمر والمتواصل علما بان هذا البناء لن تسكن فيه الحركة الاسلامية والمعارضون لقانون الانتخاب وحدهم ؟.
اليس من الافضل ان تجرى انتخابات نيابية وفق القانون الحالي تشرف عليها وتديرها الهيئة المستقلة ما يضمن نزاهتها ، وان حدثت خروقات لا سمح الله فالطعن بصحة النيابية ستكون امام القضاء ؟.
هل يمكن ان يتوافق الاردنيون على نظام انتخابي وهل ما اقر في القانون سيجعل تشكيلة مجلس النواب افضل ؟ والمشاركة في الانتخابات والدخول في العملية السياسية بدلا من رفض كل شيء افضل وتساهم كل هذه القوى في تعزيز وتطوير الاصلاح السياسي .
ومن هي قوى الشد العكسي: التي انجزت تعديل قانون الاجتماعات العامة ونقابة المعلمين وجمدت مدونة السلوك الاعلامية وهيكلة القطاع العام وشكلت الهيئة المستقلة للانتخابات وقررت انشاء المحمكة الدستورية وجعلت الطعن في صحة النيابة امام القضاء بدلا من مجلس النواب وفرضت على الحكومة التي تنسب بحل مجلس النواب تقديم استقالتها خلال اسبوع على ان تجرى الانتخابات خلال اربعة شهور ، وتريد البناء على كل ما انجز ام من يريد نسف كل ما تحقق ووضع العصي في دواليب عجلة الاصلاح وجعل قانون الانتخاب لغما يفجرون به كل ما تحقق ؟.
وهل من السياسة اما كل شيء او لا شيء ؟ واليس من الاجدى المشاركة في الانتخابات النيابية والتي ستفرز حكومة برمانية تشكلها الكتلة التي تحوز على اكثرية مجلس النواب او الكتلة النيابية الاكبر من خلال ائتلاف مع الكتل الاخرى ان لم تستطع احدى الكتل الحصول على الاغلبية ؟.
وايهما اولى الحفاظ على الاردن في هذا الظرف الدقيق والحساس ام الاصرار والعناد والتقليل من شأن كل ما انجز ؟.