ياسر قبيلات يُصدر روايته الأولى "كتابُكِ الذي بيميني"
30-07-2012 04:16 AM
عمون - بعد إصداريَن شَكَّلَ الأوّل منهما "أشجار شعثاء باسقة" في طبعتين 2004 و2010، تميّزاً وفسحة تأمل في كيفية صياغته للقصة القصيرة وعوالمها الخاصّة به وحده، نشرَ ياسر قبيلات كتاباً آخر في العام نفسه أسماه "رجل وامرأة ورجل" استقرّ على إيراده تحت جنس (المسرح) شكلاً للكتابة هي الأقرب وليست، بالضرورة، كذلك تماماً. والفاحص لهذين الكتابيَن يجدُ أنّ الأوّل ينحو، في قسم كبير منه، إلى الالتصاق بمفهوم المتوالية القصصيّة، رغم صعوبة الإحاطة النقديّة الصارمة بهذا المُسمّى التجنيسي. وكذلك الأمر في ما يتعلّق بالكتاب الثاني، حيث بُني داخل عالمٍ مسرحيّ، إلاّ أنّ السردَ فيه غلبَ عليه النمو القصصي بامتياز. إذَن، نحن أمام كتابة تكاد تعلنُ عن حيوية اختراقها لحدود الأجناس، ولكن دون الغَرَق التام في واحدٍ منها بكليته والاستقرار فيه على نحوٍ قاطع، وفي الوقت نفسه لا تتحلل تماماً من انتمائها الرئيسي.
سيراً منه على هذا "النهج"، أصدر ياسر قبيلات كتابه الثالث "كتابكِ الذي بيميني: قصة حبّ"، عن دار أزمنة للنشر في عمّان، أسوةً بكتابيه السابقين، مدعوماً من وزارة الثقافة، معلناً بأنه "رواية" هذه المرّة. وللحق، فإنّ هذا النصّ ينتسب لجنس الكتابة الروائيّة بامتيازٍ كامل، فاسحاً للحوارات الذكية فضاءً أوسع مما اعتدنا أن نقرأ في روايات سواه، الأمر الذي قد يُشْكِلُ على القارئ المتسرّع الذي يخال أنه حيال نَصٍّ يشوبه التهجين! غير أنّ لهذه الحوارات المتبادلة بين الشخصيتيَن/ العاشقين اللتين تحتلان النصَّ بأكمله (وقد مُهِّدَ لكلِّ قسمٍ من أقسام الرواية السبعين بتصويرٍ سرديِّ كأنما هو عَتَبات تفضي لموضوعة جديدة تُضاف استكمالاً لما سبق) وظيفة إحلال الحالة الروائية المتنامية داخل فضاء زمكاني ـ وهذا من مستلزمات أي عمل روائي بالطبع ـ، وللانتقال بالشخصيتين وحوارهما الممتد إلى أمكنة مختلفة وأوقات متباعدة.
تمتلك "كتابُكَ الذي بيميني" وقعاً، ربما ليس من المبالغة وصفه بـ"البهيج"، وإنه لكذلك! بهيجٌ على صعيد الكتابة الذكية المتسلسلة في بنيتها الذاهبة باتجاه مرارة/ حلاوة الحبّ، عبر علاقة شائكة يحكمها القَطْع والقطيعة ومصير الأفول الفيزيقي، لكننا نُجْذَب بجمال الحالات اليومية التي تحتاجُ عيناً (وروحاً بالتأكيد) تلتقطها فتلتقط كل ما هو آسر في ثنايا التفاصيل الصغيرة. وإنه الحنين والشَجَن الراقيين في نصٍّ روائيّ يمنح الكتابةَ ومتلقيها الثقة بفتافيت الجمال المنثورة في حياتنا اليومية، نسرقها غفلاً من الوقت لتقتات بها أيام قحطنا.
تقع الرواية في 134 صفحة من القطع المتوسط بغلافٍ احتلَّ التخطيط الفحمي لهنري ماتيس جزءه الأعظم، ورُتِّبَ وفق 18 باباً توزعتَ فيها الأقسام السبعون كأرقام، ولكلّ باب عنوانه الدالّ: طلب توظيف، حريق الدار الآخرة وظمأ الدنيا، أتعرف.. لقد مرّ زمن، كأنما لم تجر مياه تحت الجسر، ولقد أفرطت في كل شيء، بضع صحف من أمس، إذاً..فلأقل وداعاً، وكأنما هي لحظة زمنية تنقضي فلا تعود، كمن يجد نفسه يُقاد إلى مشنقة، كُنْ أقلّ رعونة، البنت الغريرة السعيدة بنفسها وحظوتها، كنتَ شريراً للغاية ساعة رأيتك، الخارجي العربي، ليس حقداً من دون سبب، كنتُ كالماشي أثناء النوم، يا إلهي.. مع مَن تورطت، ولكني على الأغلب سأنسى، أرى النهايات يأتين سراعاً.