أعلن وزير المالية المحترم عن برنامج وطني شامل للإصلاح الإقتصادي ، مُحدداً أهداف البرنامج وهي نفس الإسطوانة التي يكررها وزراء المالية في مختلف الحكومات لدى ظهورهم في أية مناسبة !!! وإن كانت الأهداف المُعلنة لهذا البرنامج أكثر طموحاً من الأهداف التي أعلنها وزراء مالية سابقين لدى ظهورهم للحديث عن برامج الموازنة والدعم ورفع الدعم !! ومنح الإعفاءات وإلغاءها ....إلخ !!.
ننظر إلى الأهداف الطموحة المرجوة من الخطوة الوزارية ، وكم هي جميلة ، لنرى أنها فيض من الآمال الفارغة التي لن يتحقق منها الكثير !! هذا البرنامج يقع في نفس السياق ، فبعد أن أعلن وزير المالية الأهداف المرجوة من البرنامج الذي تشاور بشأنه مع البنك المركزي والصندوق والبنك الدوليين ، بهدف تجنب الإقتصاد مزيد من الإنعاكسات السلبية على ذوي الدخل المحدود ، وحماية الإقتصاد الوطني من أية صدمات إضافية والمحافظة على الاستقرار الإقتصادي ، وكأن الوضع الإقتصادي مستقر وينقصنا المحافظة على هذا الاستقرار؟؟!! .
وأهم ما جاء في الأهداف تحسين البيئة الإستثمارية وهذا ما عملت عليه الحكومات الأردنية بالتناوب ، ومع ذلك بقيت الأعمال الورقية اللازمة للبدء في المشروع معضله أكثر من تنفيذ المشروع ، وكم تغنى رؤساء الوزارات ووزراء الإقتصاد بالنافذة الواحدة التي تحولت إلى أبواب وبنايات ممتدة على مساحة المملكة ، والهدف المضحك المبكي تحقيق العدالة بين فئات الموظفين وفئات المجتمع ، أين سيذهب معاليه بمدللي الدولة؟؟!!! هذا الهدف الذي يحتاج إلى الحديث في السياسة والإقتصاد والإجتماع والتعليم ، ولا تستطيع وزارة المالية منفردة ولا مجتمعة مع وزارات مالية الدول العربية تحقيقه لأنه متعلق بالنهج السياسي والقوانين الناظمة للحياة السياسية والإقتصادية ، هذه الأهداف النبيلة التي أعلنها معالي الوزير ، والتي أعلنها كافة وزراء المالية والإقتصاد الأردني على مدار تشكيل الحكومات التي أتت ورحلت ولم تُخلف إلا مزيداً من المشاكل والكوارث نراها في الحالة التي وصلها الإقتصاد وأعلنها رئيس الوزراء الحالي في الأسبوع الأول من استلامه السُلطة .
دعونا نتكلم في البرنامج الذي وضّح معالي الوزير أهدافه فقط ؟؟!!، تعرفنا على الأهداف ، و لم نعرف البرنامج الذي سيحقق هذه الأهداف ، ولم نرى توجه من الحكومة يختلف كثيراً عن نهج الحكومات التي قدمت الأزمة تلو الأزمة على رأسها هذه الحكومة !! بدءاً من قانون الصوت الواحد وانتهاء برفع الأسعار ، والكارثة الأكبر في نهج التعامل مع الملف السوري الذي إن لم تُحسن إدارته سنترحم على أيام السفر برلك الذي حدثنا عنها الأجداد !!!، ثمّ أيه برنامج يمكن أن يحقق أهدافاً في ظل هذه الفوضى المالية والإدارية والإقتصادية والسياسية .
معالي الوزير المحترم ، ليس هناك برنامج يُطبق في الأردن بمشورة البنك الدولي سيؤدي إلى أي نمو أو تقدم في أية ملف إقتصادياً كان أم سياسياً ، فقد جربنا وصفات البنك الدولي ولمدة 15 عاماً بدون ربيع عربي ، فكيف بها مع الربيع العربي المزهر ؟؟!! إعلنْ البرنامج أولاً لنرى ما الذي ستقوم به ، وإذا لم يكن على رأس الأولويات إلغاء كافة الوزارت والمؤسسات والهيئات والمجالس التي لا لزوم لها ، إضافة إلى دمج كافة المؤسسات والهيئات المستقلة في الوزارات التابعة لها، وإقرار قانون للضريبة يتوافق وتصاعدية الضريبة في الدستور ، وفرض رسم تعدين يكفل عودة ثروات الأردن التي نُهبت بإتفاقيات اذعان مررت بالكومشن السياسي ، كما أن أي برنامج لا يكفل إعادة النظر بالإتفاقيات والمعاهدات والإمتيازات التي تتعارض مع موجبات التنمية فلا فائدة منه ، كما و أن أي برنامج لا يكفل ضبط النفقات ، و إعادة النظر في القرارات التي تُمثل فساداً إدارياً ، ونحن أمام خيارين كانا دائماً على الطاولة ، فأما أن نكيف الأردن وموازنته مع قرار الفاسد وتلتزم به وندفع لمن تم تعيينهم برواتب فلكية وامتيازات عجيبة ، وكذا المستشارين والخبراء وأصحاب العقود ، وأما أن نُلغي قرار الفاسد وما ترتب عليه وبذلك يُلغى العقد وتُلغى الوظيفة !!وإذا أردنا العدل فيجب أن يتحمل من أصدر القرار ومن إستفاد منه ما تحمله الوطن من عبئ ، وبذلك يكون رؤساء الوزارات ووزرائهم من سمير الرفاعي والبخيت والخصاونة وكذا الطراونة مسؤولين مسؤولية مُطلقة عن كافة التعينات التي تمت ضمن هذه الأُسس ، هكذا يكون برنامج الإصلاح الوطني الشامل ، ولا بد من إعطاء مؤسسات الرقابة الصلاحيات الكاملة على رأسها مجلس النواب الذي لن يصلح أبداً بالصوت الواحد الذي جاء به قانون الإنتخاب الجديد .
إن الأسباب التي ساقها وزير المالية لتردي الحالة الإقتصادية في الأردن ليست هي الأسباب الحقيقية ، كما أنها أسباب لم تبذل الحكومة أية جهد في سبيل تفاديها ولم يشر إلى الأسباب الحقيقية من خصخصة وإنشاء مؤسسات مستقلة وإلزام الأردن بإتفاقيات ثنائية وإقليمية ودولية أدت إلى تراجع الإنتاجية في كافة المجالات ، إذا كنا نتجاهل الأسباب الحقيقية لتردي الوضع الإقتصادي في الأردن ، كيف سنضع برنامجاً للإصلاح يساعد الأردن في التخلص من الأعباء التي ترتبت عليه بفعل تراكم سياسات حكومية فاشلة لا زالت الحكومة الحالية تمارسها بإمتياز ؟؟!!!.