رمضان في الكرك: نفحات الماضي تفسدها الحداثة
29-07-2012 04:26 PM
عمون – محمد الخوالدة - يبدو أن الاجواء الرمضانية وبتوالي السنين تفقد شيئا فشيئا ألقها وطقوسها الاجتماعية والروحانية وحتى الإنسانية.
وبحدود ما هو معاش هنا في محافظة الكرك فان هذه الطقوس قد تراجعت كثيرا فعلى الصعيد الاجتماعي فان وسائل الترفيه والترويح الحديثة وحتى وسائل الاتصال افسدت الكثير من وشائج القربى والالفة التي كانت تجمع الناس على شتى مشاربهم في سهرات رمضانية طابعها العفة والعفوية والطيبة والبساطة، فالجيران غالبا ما كانوا يتشاركون في وجبة الافطار ووجبة السحور موصلين ليلهم بنهارهم ساهرين ومدار مجالسهم ما بين مذاكرة امور دينهم ودنياهم وقاص شعبي مسن يتحدث لهم من ذاكرته قصصا عن البطولة والشجاعة والكرم والنخوة ابطال بعضها معروفون في تاريخنا العربي الاسلامي واخرون من نسج الخيال.
اما الان فقد الغى التلفاز والانترنت جمعة رمضان, فالابواب موصدة لمتابعة مسلسل تلفزيوني مقيت او برنامج منوعات رخيص.
اما الشباب فانهم اكثر من اتت عليه الحداتة فانسته مرجعياته الاجتماعية والعقائدية فهم مشتتون ما بين "الكوفيشوبات" ومقاهي الانترنت ومشاهدة الافلام الهابطة او الانشعال بلغو الحديث من خلال الهواتف الجوالة , وحتى المسحر الذي كان يجوب الطرقات مرددا تراتيل دينية تأسر القلب فقد اختفى وان حاولت بعض بلديات المحافظة احياء هذه الفكرة لكن باسلوب ممسوخ، ولا يمكننا في هذا المقام ايضا اغفال "مدفع رمضان" الذي ما زال منتصبا في اعلى سور قلعة الكرك الشمالي لكن مع وقف التنفيذ لكن يبقى هذا المدفع شاهدا على زمن كان فيه الناس غير الناس والحياة غير الحياة.
واذا ما استكملنا الحديث في اجتماعيات رمضان فاننا لا نبعد عن الجانب الروحاني في موضع الشهر الكريم وطقوسه، اذ من حكم صيام رمضان تعميق روابط الالفة والمحبة بين الناس ليشعروا بشعور بعضهم البعض يألمون لالم احدهم ويسعدون لفرحه , وباخلالنا بهذا المنطق نجافي الكثير من حكم هذا الشهر العظيم .
وفي الجانب الروحاني لشهر الصوم المبارك ايضا فان تغيرا طرأ حتى على آليات اداء الشعائر الدينية, فصلاة التراويح المعهودة بأكمال اربعة وعشرين ركعه بما يتخللها من ادعية ومناجاة للخالق سبحانه اختصرت الان إلى ثماني ركعات فقط واختفت الادعية والاناشيد الدينية التي كانت تشف شغاف القلب .
وعلى الصعيد الإنساني فان تغييرات كثيرة طرأت في هذا الجانب اذ ليس من حاجة لمتسول يجوب الشوارع والطرقات باحثا عن محسنين اعطوه اومنعوه ففقير الجيرة او الحي او حتى المدينة كان معروفا للجميع يصله نصيبة من الاعطيات دون حاجة لاذلال النفس بحثا عن رمق الحياة , هذا الواقع جعل التسول حرفة يمارسها كثيرون حتى من غير اولي الحاجة ،وبحيث اصبح الإنسان يشك في امرأة او رجل اوطفل يقابلك في الشارع اويطرق باب بيتك بحثا عن الاعطيات مابين هل معسر تراه ام محترف , وهذا على مايبدو اسهم في افساد جانب من اهم جوانب حكم الصوم وهو الجانب الإنساني المتمثل العطف على الفقراء والمحتاجين فقد اصبح الكثيرون يضعون اولئك المتسولين في كفة واحدة ويعتبرونهم جميعا من محترفي التسول لامن المعسرين ,لذلك يخطئون من يتصدق عليهم.
اما حكمة الصوم المتمثلة في تحمل مشقة الجوع والعطش للشعور من الفقراء والمعوزين الذين لايجدون مايكفي لتدبير امور معيشتهم، فان موائد الكثير من الاسر الزاخرة بانواع الطعام والشراب لا تتماشى مع هذه الحكمة خاصة ومصير اغلب ما على موائد الأفطار حاويات النفايات.