اشتباك على الحدود .. خطر الانزلاق إلى المواجهة
فهد الخيطان
28-07-2012 04:55 AM
تابعت وسائل الإعلام ووكالات أنباء عربية وعالمية باهتمام كبير تفاصيل الاشتباك "الأقوى" بين الجيشين الأردني والسوري على الحدود المضطربة بين البلدين. ورغم نفي الحكومة لوقوع مثل هذا الاشتباك، إلا أن روايات الشهود من أبناء المنطقة الشمالية تؤكد أن ضابطا أردنيا برتبة نقيب أصيب في يده بنيران القوات السورية، أثناء محاولاته إنقاذ طفل داخل الأراضي الأردنية، مما حدا بوحدات من الجيش الأردني إلى الرد بقوة على مصادر النيران. واستمر الاشتباك، وفق المصادر الإعلامية، لفترة قصيرة.
حادث مثل هذا ليس مستغربا؛ فوسط حالة الفوضى التي تشهدها المناطق السورية المتاخمة للأردن، والمواجهات العنيفة بين الجيش النظامي السوري والجيش السوري الحر، وتدفق آلاف اللاجئين السوريين إلى الأراضي الأردنية، تصبح مثل هذه الاحتكاكات أمرا متوقعا، خاصة مع تمركز قوات البلدين في مواقع متقاربة ومتداخلة أحيانا، وفي حالة استنفار شديد.
لكن تكرار مثل هذه التجاوزات من جانب الجيش السوري النظامي سيعقد الأمور كثيرا.
القوات الأردنية في وضعية تأهب على الحدود الشمالية، لكن ليس بهدف التحضير لتدخل عسكري في سورية، وإنما للتعامل مع التطورات المحتملة للصراع، ومنع حالة الفوضى على الحدود بين البلدين، والسيطرة على تدفق اللاجئين السوريين، والتصدي لمحاولات تهريب السلاح إلى الأردن.
إن مخاوف الأردن من انهيار مفاجئ للنظام مشروعة. ونقل تقرير لـ"سي. إن. إن"، نشرت "الغد" نصه أمس، عن قادة عسكريين أميركيين قولهم: "إن القوات الخاصة الأميركية تتولى تدريب قوات أردنية وتقديم المشورة لها حول مجموعة من المهام العسكرية المحددة التي قد تبرز الحاجة إلى تنفيذها في حال امتداد العنف في سورية إلى الأردن، أو شكل تهديدا له".
إن حدود التدريب والتعاون، كما يؤكد الجانب الأميركي وليس الأردني، لا تتعدى الاستعداد للدفاع عن النفس، وليس القيام بعمل عسكري داخل الأراضي السورية. ويصف التقرير سيناريو قيام وحدة من الجيش الأردني بالتدخل في سورية لحماية مواقع أسلحة كيماوية أو بيولوجية بأنه "بعيد التحقق".
لقد أعلن الأردن مرارا رفضه التدخل العسكري في سورية، وخيار تسليح المعارضة التي تقاتل نظام الأسد. ما تزال هذه السياسة صالحة للتعامل مع الأزمة السورية، ولا يوجد مبرر للتراجع عنها حتى الآن، وهي تنسجم إلى حد كبير مع الموقف المصري الذي أعلنه الرئيس محمد مرسي أكثر من مرة.
هناك أطراف تريد توريط الأردن في الصراع السوري. ويبدو أن نظام الأسد الذي يعيش أصعب أيامه، يفكر هو الآخر في تحويل المواجهة الداخلية إلى صراع إقليمي، بما يمكنه من الاستمرار فترة أطول. في كل الأحوال، ينبغي على الأردن مقاومة الضغوط الهادفة إلى جره إلى الصراع، والتعامل بحكمة مع استفزازات قوات النظام السوري، بدون التخلي عن دوره الإنساني في تقديم التسهيلات للأشقاء السوريين، وتوفير الملاذ الآمن للهاربين من جحيم القتل والقمع. المهمة الماثلة أمامنا هي منع انتقال الفوضى والجماعات المسلحة إلى الأردن، ومساعدة السوريين على تجنب أهوال الحرب الأهلية، وأكثر من ذلك سيكون فوق طاقتنا ومصلحتنا أيضا.
fahed.khitan@alghad.jo
الغد