تحظر المعاهدات الدولية وخصوصا معاهدة جنيف الرابعة إجراء أي تغيير ديمغرافي أو جغرافي في الأرض المحتلة لكن حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة ضربت عرض الحائط بكل الاتفاقات والمعاهدات الدولية تساندها في ذلك الولايات المتحدة الأميركية التي لا تصدر بيانا واحدا يدين هذه الانتهاكات وكذلك دول الاتحاد الأوروبي وروسيا التي تلتزم الصمت إزاء ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة .
ومع تزايد وتيرة الاستيطان في مناطق الضفة الغربية المحتلة وزرع الأراضي الفلسطينية بالمستوطنات يأتي قرار بلدية الاحتلال في القدس بفصل ثلاثة تجمعات سكانية فلسطينية يسكنها حوالي تسعين ألف مواطن عن بلدية القدس الكبرى وذلك من أجل تغيير الواقع السكاني في المدينة المقدسة ليكون عدد اليهود فيه أكثر من عدد الفلسطينيين وهذا ما يحدث الآن إذ لأول مرة يزيد عدد السكان اليهود عن عدد السكان العرب في القدس الشرقية وهو مؤشر خطير على نية العدو الإسرائيلي تغيير الديمغرافيا تمهيدا لتهويد المدينة المقدسة بالكامل .
ثلاثة تجمعات سكانية هي مخيم شعفاط ورأس خميس وحي السلام أصبحت خارج حدود بلدية القدس الكبرى وهي أصلا خارج المدينة المقدسة بعد إقامة جدار الفصل العنصري الذي أقامته حكومة العدو الصهيوني والذي من أهدافه فصل الأحياء العربية عن القدس والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة بعد أن قسم هذا الجدار المدن الفلسطينية إلى عدة أقسام وكذلك القرى حتى أن العائلة الواحدة أصبحت تقسم إلى قسمين قسم داخل الجدار العازل وقسم خارج هذا الجدار .
هذا الإجراء الإسرائيلي الخطير يتزامن مع عدة إجراءات اتخذتها سلطات الاحتلال من أهمها إعتبار المسجد الأقصى المبارك جزءا من أراضي إسرائيل وزيادة وتيرة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتخطيط لهدم المسجد الأقصى من أجل إقامة هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه والسماح للمستوطنين المتطرفين باقتحام هذا المسجد تحت حراسة جنود الاحتلال وتحت حرابهم وبنادقهم .
الإجراءات التهويدية للأراضي الفلسطينية المحتلة وخصوصا مدينة القدس ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة بسبب انشغال العرب بثوراتهم وعدم الاستقرار السياسي والأمني في عدد من الدول العربية وحتى لو لم يكن العرب مشغولين بثوراتهم كما أسلفنا سابقا فإن أفضل ما يفعله العرب هو إصدار البيانات الرنانة بإدانة الإجراءات الإسرائيلية وهذه البيانات شبعنا منها بل أصبحت تكرر نفسها باستمرار في الوقت الذي تنشغل فيه الجامعة العربية بالوضع في سوريا ويبدو أن شغل هذه الجامعة الشاغل هو إسقاط الحكم في دمشق أما ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخصوصا مدينة القدس فهو ليس من شأنها ولا علاقة لها به من قريب أو بعيد فلم نسمع أن أمين عام الجامعة العربية ومعه بعض وزراء الخارجية العرب قد ذهبوا إلى الأمم المتحدة أو مجلس الأمن لاستصدار قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويدين الإجراءات المكثفة والسريعة التي يقوم بها الاحتلال لتهويد المدينة المقدسة في الوقت الذي توجهوا فيه إلى نيويورك من أجل استصدار قرار لإدانة ما يقوم به النظام في دمشق .
مع الأسف الشديد لم يقف ضد الإجراءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة سوى الأردن الذي حذر دائما من الأعمال غير القانونية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي سواء في الضفة الغربية أو القدس ولم يترك جلالة الملك مناسبة أو لقاء صحفيا إلا وتحدث فيه عن خطورة هذه الأعمال على عملية السلام .
nazeehgoussous@hotmail.com
الدستور