على مدار 16 شهرا دامية من الأزمة السورية، نجحت الأطراف في تحييد العامل الفلسطيني عن التورّط فيها. ولكن، في الأيام الأخيرة، تواترت المعلومات عن مشاركة مقاتلين حمساويين من مخيمي اليرموك وحطين في القتال ضد الجيش العربي السوري.
سنضرب صفحا عما يمثّله ذلك من عَدَمية أخلاقية ( فالحمساويون يقاتلون أولئك الذين درّبوهم وسلّحوهم وأمنوهم وتحملوا في سبيل نصرتهم التهديدات والحصار. هل تتبعهم، كالعادة، الجبهة الشعبية أيضا؟) المهمّ الآن، أن التحاق قسم من السلاح الفلسطيني في سورية بصفوف المتمردين، من شأنه أن يؤدي إلى الصدام مع السلاح الفلسطيني المناصر لسورية ( الجهاد، فتح الانتفاضة، القيادة العامة ..الخ).
حمد بن جاسم لا يمكنه أن يوفّر مقاتلا واحدا في الحرب على سورية. وربما يكون الزج بمقاتلي " حماس" جرى تحت ضغط الحاجة الميدانية، أو ربما يكون المقاتلون الحمساويون قد استنفروا لنصرة جماعتهم من إخوان سورية. لكنني أميل إلى أن القرار بدخول "حماس"، الحرب ضد الجيش السوري هو قرار سياسي بالدرجة الأولى. وهو لا يهدف إلى التأثير على المعارك الجارية بقدرما يهدف إلى إشعال الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني في سورية. لماذا؟
أولا، لتأهيل " حماس"، سياسيا، كجزء من المعسكر الأمريكي الخليجي الإخواني، وتعميدها، بالدم السوري، كمحاور موثوق للأمريكيين والإسرائيليين،
ثانيا، لإخراج مؤيدي النظام السوري من المخيمات، وتحويلها إلى مناطق عازلة تحت سيطرة حمساوية كاملة . وهو ما سيجعلها مناطق آمنة للمسلحين السوريين، ومربعات أمنية ـ سياسية في مواجهة الدولة السورية،
ثانيا، لإحراج النظام السوري وطنيا وأخلاقيا حين يضطر إلى التدخل العسكري في المخيمات،
رابعا، لضمان وجود سياسي وعسكري حر لحماس في سورية الفوضى، وضمان حضورها في أي تسوية داخلية كممثل وحيد لفلسطينيي سورية،
رابعا، لانتشار التجربة، لاحقا، نحو المخيمات الفلسطينية في لبنان. بذلك، يكتمل التمثيل الحمساوي السياسي والأمني لمخيمات سورية ولبنان.
وبالنظر إلى أنها تمثّل غزة وقسما من الضفة الغربية، وقسما رئيسيا من فلسطينيي الأردن عبر ذراعها المحلي الإخواني، تكون حماس على موعد مع معركة الحسم في الضفة لتتولّى موقع قيادة الشعب الفلسطيني. هكذا، ستنتقل مفاتيح القضية الفلسطينية إلى الأيدي القَطرية ( المتحالفة مع تل أبيب) وخريطة " الحل النهائي" بالمواصفات الصهيونية:
ـ قيام إسرائيل بضم 44 بالمئة من الضفة الغربية وتعيين حدودها من طرف واحد وترك الباقي لإدارة حمساوية،
ـ ربط التجمعات السكنية في الضفة مع الأردن من خلال علاقة تحالفية بين حماس وحكومة إخوانية حمساوية في الأردن.
ـ حل قضية حق العودة ( من سورية ولبنان) على حساب الأردن،
نحن نواجه لحظة مصيرية لا مكان فيها للنقاش حول قانون الانتخابات ولا جدل المقاطعة والمشاركة. ولا تحمينا منها مغامرة التدخل في سورية، ولا ينفعها فايز الطراونة وحكومته، ولا تتم مواجهتها بجبهة وطنية تضم الطابور الخامس باسم الديمقراطية الجوفاء، بل بإرادة الصمود والتحدي والمواجهة. أين هم رجال الأردن؟
ynoon1@yahoo.com
تم وقف التعليق على المقال بناء على طلب الكاتب
العرب اليوم.