بين إعادة برمجة امتحان التوجيهي وتأجيل عقد امتحان الكفاءه الجامعيه!!! ..
د. محمد الخصاونه
26-07-2012 12:44 AM
بين إعادة برمجة امتحان التوجيهي وتأجيل عقد امتحان الكفاءه الجامعيه!!!...
فبعد أن فقد المسؤول فينا بوصلته (GPS) بدأ أحدهم بالحديث عن ضرورة إعادة برمجة امتحان الثانويه العامه (التوجيهي) من جديد بحيث ينجز الشخص متطلبات الحصول على هذا المؤهل خلال فترة عامين (بدلاً من العام الواحد المعمول به حالياً) وكأن الوضع الراهن أصابه نوع من طفره في وفرة من عيش فبتنا نتبغدد في تيهات مخططاتنا، أو أن طلبتنا أصابهم فجأة شعور بالمسؤوليه بات يتطلب منهم التوفيق بين الدراسه وتوفير مكان عمل يجني به المرء مدخوله المادي الذي ينفق منه وكأن أولياء الأمور بقدرة قادر قد قرروا وقف الإنفاق على فلذات أكبادهم دون سابق إنذار إدراكاً منهم بأن الإعتماد على الذات بات هو طريق الحل لمعظم مشاكلنا الإجتماعيه، أو أنه قد تولد لدينا أنموذج صناعي بات يتطلب من طالب العلم أن يصبح ذو دوام جزئي لأن المصنع أو المصلحه التي يعمل بها باتت لا تستغني عن وجوده الحثيث في مكان العمل وبهذا الباب من التخطيط بتنا قادرين على توفير البيئه الملائمه لمصانعنا الكبرى فباتت تنتج بكفاءه أعلى ولأجيابنا الصاعده راحة البال لكي توفق بين متطلبات العمل والتزاماتها نحو تحقيق طموحاتها التعليميه...
لقد واكب هذا الأمر كله الحديث عن عدم الرغبه بإعادة تفعيل امتحان الكفاءه الجامعي (في الوقت الذي حدد له) وكأننا نجحنا في تشخيص مواطن الضعف أو القوه في الجامعات فلم نجد ما يلح من أمر في حاجتنا إلى قياس حسن أو سوء أداء مؤسساتنا التعليميه على مستوى التعليم العالي... وتمت الإستجابه لمقترحات عدد من رؤساء الجامعات التي اعترفت بتقصيرها من حيث جودة المخرجات بمنحهم فترة خمس سنوات يتم خلالها إعادة النظر في الوضع الراهن وإعداد الطلبه من حيث الجاهزيه ليكونوا بعدها قادرين على أكمل وجه للتصدي لمعايير امتحان الكفاءه هذا... لقد أخذ هذا الأمر مجراه على الرغم من أن عقد امتحان الكفاءه الجامعي الذي كان مقرراً عقده في العام القادم كان سيسرع في دفع عجلة الإصلاح في البرامج التعليميه في الجامعات الأمر الذي كان سيسهم في التعرف على مواطن الضعف الكامنه، ويساعد في توجيه الجهود المبذوله لتحقيق هذه الغايات بالإتجاه الصحيح بعد أن فقد المسؤول فينا بوصلته.... فها هو لا زال يبحث عن البوصله في ظلمات البرق والرعد متأملاً بأن وجهته ستسير في الإتجاه الصحيح حالما تسفر الجهود المبذوله في استخراج البوصله المفقوده منذ زمن من مخبئها!!!
لقد كانت هذه الأمور تجري وكأن الشخص المسؤول بات يعمل (بدرايه تامه وسابق إصرار منه أو بتيهان نتيجه فقدانه للبوصله) لتحقيق أجندات لدول استعماريه إنما أرادت بنا السوء (حسب زعمهم) حيث أصبح هو نفسه أداة بيد هذه الدول لتحقيق تدمير البلد أو لضرب مخططاتنا التنمويه في ضعضعة نظام التعليم العالي لدينا!!... إلا أن أغرب ما في الأمر هو سكوت هذا الشخص المسؤول عن كل ما يراه سلبياً مدعيا أمام الآخرين إنما هذا ما وجدنا عليه الوضع الراهن وبات من الصعب بمكان محاولة القيام بأي نوع من إصلاح.... أو أن القياده باتت راضية (طبعا حسب زعم الزاعمين وكيد الكائدين) على كل ما تراه أمامها من أوضاع مترديه في التعليم العالي والواطي وأموراً غيرها!!!... ففي الوقت الذي كان مطلوباً من هذا المسؤول اتخاذ كافة الإجراءآت والتدابير لوضع الأمور في نصابها كان المسؤول يتحدث عن ضرورة استحداث مشاريع تكلف الملايين من دينار أو درهم، وجلب ما بات ضروريا من تقانات كنا سنظهربها هذا الدين أو نفنى من دونها في ضوء أوضاع اقتصاديه وسياسيه مترديه باتت تتطلب منا إعادة النظر في كل ما رسم له من فترات سابقه (ولاحقه) ضاربين بعرض الحائط متطلبات ما كان ينظر له على أنه من أولويات الحقبه الراهنه!!
لقد بات المسؤول الفاقد لبوصلته ينفق ويهدر المال العام في أبواب كثيره بدلاً من اتباع سياسات شد البطون فها هو يؤسس أقساماً زلفى في وزارته ودائرته ومؤسسته التي تؤويه ويفتح تخصصات ما أنزل الله بها من سلطان في دور علم نشأت على التقوى في إعداد الأجيال (التي تزنر بها المرء يوماً) فقد تربى فيما مضى على هدر مال والده والإتجار ببمتلكات أجداده الأولين وعشيرته التي تؤويه وكثرة الإنفاق فوق طاقته في أرائكته من النزل... فلما نفقت كلها ولم يبقى منها شيئاً وضع المال العام في راداره العامل نصب عينيه وأصبحت المصلحه العامه نصب مؤشر بوصلته تتخذها لها قبلة يتاجر بها لتحقيق مطالب إنفاقه المتزايده فأمر أسفاره بات بين الكاف والنون والعزائم باتت كثيره لا مقطوعة ولا ممنوعه والعطايا والهدايا باتت كلفتها باهظه فأصبحت المصلحه العامه هي القربان والذبح العظيم افتدى بها حاجاته ولبى بها رغباته جزاءً بما قدم وكان من المحسنين...
وفي خضم ذلك كله وما لقيته الأنفس الشح من عناء التفكر والتدبر بشؤون البلاد والعباد فالكل رافع أكف الضراعة إلى السماء بأن يلقى هذا المسؤول بوصلته بوجه حسن أو أن يجد على النار هدى، فقد طال أمد الضياع وازداد الأمل بعد طول انتظار بأن يشبع هذا المسؤول يوماً فيخرج نفسه من بوتقة "الهجين الذي وقع في سلة التين" ويعود إلى هداه ويتغلب على شيطانه فيدع الأمور الصالحه وشأنها وأن لا يزيد طينة الأمور في الخراب بلة... فهنا لا ينقصنا في الأمر تعديل موضوع امتحان الثانويه العامه أو إعادة برمجة الطريقه التي يعمل بها... بل إن كل ما ينقصنا هو تحسين الطريقه التي بات يطرح بها هذا الإمتحان ورفع سويته وعدم عبث آولئك النفر من فاقدي البوصله بمستقبله فهم ليسوا بموقع تحمل المسؤوليه أو اللوم إن قد هو فشل باتباع طريقتهم التي تم لاتخطيط لها واقتراحها من بين بنات أفكارهم النيره وحسب دون اللجوء والرجوع إلى مشورة العاقلين من أولي الأمر أو آولئك النفر من الناس ممن فتح الله عليهم في البصر والبصيره من الذين باتوا لا يستشاروا في أمور البلاد والعباد في شيء...
وهنا لا يفوت المرء كذلك إعادة التأكيد على أهمية عقد امتحان الكفاءه الجامعي بالسرعه الممكنه ليتسنى للمخططين السعي الحثيث لوضع المخططات البناءه لإعادة تأهيل الجامعات والخطط الدراسيه التي تطرحها بناءاً على ما سيتمخض عنه مثل هذا الإمتحان من انعكاسات، ناهيك عن أن عقد الإمتحان سيكون بمثابة العامل المساعد (Catalyst) الذي سيدفع الجامعات ويضعها في موقف لا تحسد عليه إن هي لم تبادر إلى وضع الخطط التصويبيه وعمل ما هو مطلوب في الوقت المناسب!!... فإن أي تأخير أو مماطله إنما هي انعكاس لعقليات لا تريد العمل أو تقديم الشيء المفيد خدمة للوطن وأجياله!!... فما فائدة إعطاء الجامعات مهلة من الزمان حددت بخمس سنوات يكون أغلب القائمين علىيها قد غادروا بعدها أماكنهم ومناصبهم التي يشغلون... فمن سيتابع مثل هذا الموضوع بعدها إن نحن فتحنا الباب وقبلنا إلى التسويف والتأجيل سبيلا؟؟