تحفل الشوارع والطرقات ، وتنوء أعمدة الكهرباء والهاتف بلافتات كثيرة ، واستولت صور المرشحين للمجلس الموعود على لوحات المرور بكافة أنواعها ، ونال جدران وواجهات البيوت والمحال الشيء الكثير من الملصقات ، ولم تأت اللافتات والملصقات ولن تأت بجديد ، الوعود هي الوعود ، والابتسامات هي الابتسامات ، ومشهد اليوم مرشح يلاحق ناخبا ، ومشهد الغد ناخب يلاحق نائبا . " انتخبوا " فعل أمر يطلب فيه المرشح المبجل من المواطن الكريم أن ينتخبه ، وكأن المواطن بحاجة إلى مزيد من الأوامر ، الزوجة تأمر ، والأبناء يأمرون ، والمدير يأمر ، ورب العمل يأمر ، والشرطي يأمر ، حتى المحافظة على النظافة تبدأ بفعل الأمر " حافظ على النظافة " و " حافظوا على النظافة " .
لا أدري لماذا تذكرني كلمة المستقل في عبارة " المرشح المستقل " بالاستعمار ، ربما لأن الاستعمار هو نقيض الاستقلال ، فهل يعني ذلك أن الآخرين من مرشحي الأحزاب - إن ُوجدوا - هم من المستعمَرين ؟ لم ينضم أحد من المرشحين إلى حزب ما دون رغبته ، ولم يدخل أحد في حومة الانتخابات رغم أنفه ، فالجميع مستقل .
وتتراوح ألقاب المرشحين من " الدكتور " فلان ولا أدري هل طبيب أسنان أم دكتور كيمياء وما نحوهما هو من المؤهلات اللازمة للمجلس الموعود ؟ و " .... المتقاعد " علان ولا أدري هل رتبة عسكرية ما هي من المؤهلات اللازمة للمجلس الموعود ؟ و " الحاج " فلان ولا أدري هل أداء أحد أركان الإسلام هو من المؤهلات اللازمة للمجلس الموعود ؟ وإلا فأين " المُصلي " ؟ وأين " المُزّكي " وغير ذلك ؟ و لم يغفل الكثير عن ذكر كنيته فهو " أبو ... " لمزيد من التحديد والتعريف بنفسه .
ربما تحمل السيرة الذاتية للمرشح المؤهلات والمنجزات التي يفترض بالناخب معرفتها عن مرشحه المفترض ، وأعتقد أن أهم صفات النائب المقبل أن يكون محبا لوطنه بدرجة لا تقل عن محبته لعشيرته وعائلته ، وأن يكون قادرا على النقاش ، وله قدرة على الإقناع واستعدادا للاقتناع ، ومتمتعا بمستوى علمي يؤهله مستقبلا الخوض بالشأن العام ، ومعرفة طيبة بالقوانين ، وفي هذا الصدد أذكر كيف كان الأستاذ عبد الرؤوف الروابدة " ُيسكت مواقع " النواب أيام توليه رئاسة الوزراء ، بواحدة من اثنتين ؛ أولاهما معرفته التامة بالدستور والقوانين الأردنية النافذة ( أحتفظ لنفسي بثانيتهما ) .
نصيحة أسديها لمن رشح نفسه أو يقول بترشحه نزولا عند رغباتهم ، لا تفرط بالوعود إذ " رحم الله من عرف قدر نفسه فوقف عنده " و" اللي بيكبّر حَجَرَه ما بيضُرب " .
haniazizi@yahoo.com