تكافل !رنا شاور
25-07-2012 04:37 AM
كانت الاشارة حمراء والحرارة في عمّان ذلك اليوم تفوق الأربعين. ألمحها دائماً في نفس المكان.كم بدا المشهد سخيفاً وظالماً، ففي حين تغلق معظم السيارات نوافذها تاركة لمكيّف الهواء في الداخل أن يبدد «جهنم» التي في الخارج، تجلس ممسكة بكيس أسود كبير تملأه خضار مجهزة لسيدات عمّان، ولا أبرئ نفسي،فأنا من القابعات داخل السيارات المبرّدة واللاهثات خلف من تختصر علينا بعضاً من المسؤولية، أشتري منها كلما مررت بها زعتر أخضر «مفرّط» وملوخية وبقدونس وفاصوليا وبامية»مقمّعة».تحوم «ام علاء»يوميا بين الإشارات الضوئية تبيع خضارها ثم تجلس إلى طرف الشارع حين يهدّها التعب وتجدها تنظر إليك مرهقة وقانعة بوجع لقمة عيشها. أسألها دوماً عن أحوالها وأذهل بكمّ الرضا الذي تختزنه برغم ظروفها، فهي وإن بدت كغيرها من النساء المكافحات تعيل عائلتها دون تأفف، لكنها لم تستطع أن توقف دمعتها وهي تحكي عن ظلم أبنائها الذين يريدونها خادمة لهم ولزوجاتهم، فابنها البكر علاء متزوج من أجنبية وهو «لا يصوم» كما تقول، ويطالبها يومياً بثمن الدخان ولا تجد بدا وهي الخمسينية الصائمة في حر رمضان أن تقوم الليل لتجهيز الخضار ثم بيعها على الإشارة في النهار اللاهب لتؤمّن لأبنائها وزوجاتهم مايريدون. تمسح دمعها كلّ مرة وتحمد الله وترفض أي مبلغ مالي خارج ثمن بضاعتها.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة