عمون - د.عامر سبايلة - هناك تحول قادم في شكل الصراع في سوريا من صراع داخلي الى صراع اقليمي. صمود النظام السوري في وجه كل الضربات التي وجهت اليه, بما فيها الضربة الأخيرة, و ما تبعها من محاولات اسقاط النظام اعلامياً, اعاد رسم شكل الصراع في سوريا و اعطاه ابعاد اقليمية جديدة.

المؤسسة العسكرية السورية ارسلت رسائل واضحة و اثبتت أنها مؤسسة عميقة لا يمكن اسقاطها و تفكيكها ضمن حرب اعلامية او خلق نقاط ارهابية ساخنة متعددة. الحقيقة أن انتفاضة الجيش السوري السريعة في وجه كل النقاط الساخنة و تمشيطه الكامل للعاصمة دمشق و تخومها أذهل أعداء سوريا و خلط اوراقهم, عداك عن العمليات النوعية على الحدود مع العراق و لبنان.



اعلان التحول في شكل الصراع بدأ مع دخول وحدة من القوات الخاصة السورية الى الجولان و استقرارها على بعد أمتار قليلة من المكان الذي وقف به أيهود باراك قبل يومين. اسرائيل بدورها سارعت الى تسجيل شكوى لدى الأمم المتحدة لتؤكد أن الأزمة السورية لم تعد أزمة داخلية بعد اليوم, هي أزمة منطقة, و تلويحات الحرب في المحيط السوري ستمتد لتصل الى الخليج و وسط آسيا. فالرسالة السورية واضحة: امتداد الصراع الى الاقليم المحيط بات خياراً استراتيجياً للنظام السوري و حلفاؤه.


موقف حلفاء سوريا:



روسيا قالت كلمتها بكل وضوح: " انتهى عهد الهيمنة الامبريالية, و سياسة القطب الواحد الأمريكية انتهت الى غير رجعة". الفيتو الروسي الصيني الثابت دفع أعداء سوريا الى البحث عن مخرج لاسقاط النظام السوري وفك التحالف بينه و بين روسيا و الصين. اضعاف النظام السوري عن طريق عمليات التفجير الارهابي, و تشويه الصورة الاعلامية أصبح واضحاً و يبدو انه آخر ما تبقى في جعبة أعداء سوريا.

بوتين كان قد حذر من أي تحرك يستهدف سوريا خارج نطاق الأمم المتحدة, بعبارة أخرى , من يفكر بخوض حرب على سوريا فليستعد لمواجهة روسيا اولاً. هذا يعني أن الخيار الروسي بات مستعداً لنقل الصراع من صورته السورية الى صورته الاقليمية او أكبر من ذلك.

ايران أشرس حلفاء سوريا, خرجت اليوم عن صمتها و تكلمت بلغة صريحة و واضحة. مساعد قائد الاركان العامة للقوات المسلحة الايرانية العميد سيد مسعود جزائري, أكد اليوم أن ما يجري في سوريا هو مشروع تآمري على الشعب السوري وحكومته, بمساعدة الدول الاوروبية وبعض الدول العربية في المنطقة" واضاف: "أن اعداء سوريا لا يستطيعون في الوقت الراهن القيام بفعل أي شيء سوى التفجيرات وترويع الناس والحرب النفسية ضد الشعب السوري . و هم غير قادرون على تغيير النظام هناك فالشعب السوري و الدول الصديقة لسوريا لن يسمحوا بتغير النظام."
الأخطر أن العميد سعيد جزائري أكد أن: "حلفاء سوريا الكبار لم يدخلوا الساحة لصالح سوريا حتى الان ولكن اذا ما دخلوا فانهم سيوجهون ضربة كبيرة لأعداء سوريا، لا سيما الدول العربية الحليفة لاميركا والكيان الاسرائيلي."

الاعلان الايراني الصريح هذا يصب أيضاً في فكرة تحول الصراع في سوريا الى صراع اقليمي شامل, تكون فيه دول الخليج في مرمى القوة الايرانية الضاربة, مما يستدعي من الدول الخليجية التفكير في استباق هذه الاحتمالات و فتح قنوات التواصل مع ايران و الخضوع لشروط معسكر حلفاء سوريا في شكل التسوية القادمة في المنطقة.

دلالة أخرى على احتمالية امتداد الصراع الى المحيط تتمثل بدخول حركة حماس على خط الصراع في سوريا, فالمعلومات تشير الى تحرك ميليشيات حمساوية تزيد عن 500 عنصر في دمشق و خصوصاُ في مخيم اليرموك في مواجهة قوات الجيش العربي السوري. خلق البلبلة في سوريا بادوات فلسطينية هو مطلب (قطري- تركي- سعودي) و يهدف الى ادخال الفصائل الفلسطينية في الصراع من اجل ضمان وجود مستقبلي لهم ضمن ملف التسوية القادم للقضية الفلسطينية. النموذج الحمساوي يشير بوضوح الى وجود سياسة توظيف للحركة و خصوصاً من أجل تفجير الأوضاع في المخيمات الفلسطينية في سوريا و دول الجوار. الدول المستضيفة للمخيمات الفلسطينية قد تكون على موعد قريب مع مشهد من طراز هذا الانقلاب الحمساوي, اما غزة فقد تتحول الى بركان مواجهة بين حركة الجهاد الاسلامي المقاوم و حماس.

الطريق الى التسوية في المنطقة بدأ مع محاولة تفجير الأوضاع الداخلية في سوريا. لكن الصمود السوري أدى الى تغيير قواعد اللعبة و تغيير شكل الطريق الى التسوية و حولها الى مواجهة اقليمية كبرى تسبق الحديث عن شكل التسوية النهائي القادم.