الأردنيون يدخنون (12) مليار سيجارة سنوياً
23-07-2012 01:47 PM
عمون - الاء عليان - يرتبط "رمضان" في ذاكرة الكثير من الأشخاص بأنه شهر العصبية والنرفزة والمزاج الحاد..
وتجمع آراء مختصين على أن الابتعاد عن الطعام والتدخين من أبرز أسباب العصبية لدى البعض.
الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع المشارك في جامعتي البلقاء التطبيقية والجامعة الأردنية أكد أن العصبية والنرفزة والغضب من السلوكيات المذمومة في شهر رمضان من قبل بعض الصائمين والتي تعمل على توتر وقلق الآخرين من افراد المجتمع الذين لا يسلكون هذا السلوك.
وفي هذا الصدد قال الخزاعي انها مثيرات سلبية والانسان يتأثر بالتعاطي مع هذه المثيرات كل حسب ادارته لشخصيته وذاته فمنهم من لا يبالي بهذه التوترات ويسيطر عليها ومنهم من تسيطر العصبية والغضب على سلوكه ويلحق الأذى بالاخرين.
واشار الخزاعي الى السلوك المتسم بالفوضى والانانية والازدحام قرب المحلات التجارية او محلات الحلويات والازدحام المروري واستخدام (الزوامير) بطريقة صاخبة واطلاق الشتائم من قبل بعض الصائمين وبخاصة في فترة ما قبل الافطار تدفع الى السلوك الاندفاعي والتوتر من قبل ابناء المجتمع، مشيرا الى ضرورة الابتعاد عن هذه السلوكيات والتقيد التام في تعليمات المرور والتحلي بالصبر والاخلاق الحسنة التي تليق بفضائل شهر رمضان .
ولفت إلى ان غالبية الناس الذي تتسم تصرفاتهم بالغضب والعصبية والتوتر هم من فئة المدخنين ويكون سبب عصبيتهم ونرفزتهم وخاصة خلال فترات الصيام بسبب انقاطعهم عن التدخين لمدة لا تقل عن (14) ساعة يوميا، ويوضح الخزاعي قائلا : عندما يعتاد المدخن على نسبة النيكوتين الموجودة في الجسم، وينقطع فجأة عن التدخين ، تبدأ أعراض الحرمان من النيكوتين في الظهور فيشعر بالعصبية والغضب، وسرعة الانفعال وضعف التركيز واضطرابات النوم والدوخة والتململ، وهناك فئة من المدخنين اعتادوا على شرب القهوة والشاي والمنبهات التي تحتوي على مادة الكافيين، والانقاع المفاجئ عن تناولها وبخاصة في فترات الصباح يؤدي الى الشعور بالاجهاد والنعاس والعصبية والتوتر والصداع، وكلما طالت فترة الانقطاع عن التدخين او شرب المنبهات زادت الاعراض شدتها وتطورت الى سلوكيات سلبية.
وأشار إلى أن المدخنين يتعرضون الى نوعين من الادمان، الاول جسدي وعضوي والثاني ادمان نفسي، وهو عادة اجتماعية لها خصوصيتها وطقوسها فالمدخن يدخن مع الاصدقاء المدخنين ويصاحب ذلك شرب القهوة والمنبهات.
ولفت الى تأثير اول اكسيد الكربون الذي يعد اهم مكونات السجائر واخطرها حيث ان هذا الغاز الذي لا طعم ولا رائحة له ينتج من الاحتراق غير الكامل للمواد العضوية في الياف التبغ، هذا الغاز يصل الى الدم في جسم الانسان عن طريق الاغشية المخاطية لتجويف البطن، ويتفاعل مع الهيموغلوبين بسرعة فائقة ويعطل (5 – 20%) من طاقة الدم، ويؤدي الى حصول نقص في الاكسجين في الجسم، اما النيكوتين وهو من مكونات التبغ الرئيسية فهو يصل الدماغ خلال (8) ثوان ويتركو في بلازما الدم بنسبة (25 – 50%).
وقال: اذا تخيلنا ان ربع الدم الموجود في جسم الانسان يتعطل بسبب التدخين ، واذا عرفنا ان مادة التبغ تتكون من (400) مادة سامة، و( 4000) مركب كيماوي ، فهل نتخيل حجم الضرر الناتج عن التدخين.
ونوه الى ان هذا التفسير يتطابق مع التفسير العلمي الذي يشير الى أن سبب العصبية ينتج عن نقص نسبة المياه والجلوكوز في الدماغ وعندما تقل نسبه المياه يبدأ التوتر ومن ثم الغضب والانفعال، ويؤكد هذا التحليل رؤية علم الاجتماع الطبي الذي يؤكد على أن التدخين مرض اجتماعي، وعادة اجتماعية تلحق الضرر بالاخرين ويتسبب بمشكلات اجتماعية ونفسية واقتصادية في المجتمع.
ورأى الخزاعي أن الانقطاع عن التدخين او شرب القهوة والمنبهات لا يعني ان يكون مبررا لهم للعصبية وسرعة الانفعال ، فالصائم يجب ان يتحلى بالقيم الاخلاقية والجمالية ويتسلح بالسلوكيات التي تفيض بالمشاعر الانسانية وخاصة في شهر رمضان المبارك ، فشهر رمضان مدرسة تربوية ايمانية واقتصادية وثورة على الفوضى التي يمارسها الناس لمدة 11 شهر ، وتتجلى روعة وحلاوة شهر رمضان المبارك بالتكاتف الاجتماعي والصبر والتسامح والايثار ومساعدة الاخرين فهو شهر العطاء بلا حدود ولا تمييز.
وفي الأردن وحسب الخزاعي فان الدراسات التي نفذت من قبل العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية تشير الى أن 82% من المدخنين مارسوا التدخين قبل العمر 25 سنة، بينما تبلغ بين الفئة العمرية من 13 إلى 15 ( 13.6%) منهم (10%) يدخنون الارجيلة، وان ( 6%) من المدخنين بدأوا التدخين قبل بلوغهم سن العاشرة وهذه الارقام يصفها الخزاعي بالخطيرة على الصحة كونها تزيد مدة التدخنين حيث انه كلما زادت مدة تعاطي السجائر زاد الضرر على الصحة.
وأضاف: تنتشر الارجيلة في المجتمع الأردني حيث يدخنها (22%) وخاصة في المقاهي العامة وتكتمل الجريمة عندما يطلب بعض الاهل من اطفالهم تجهيز الارجيلة لهم، وهذا يضاعف معدل التعرض للإصابة بالأمراض الخطيرة، في حين ان نسبة المدخنين من الذكور تتجاوز الـ (50%) ، والإناث يتجاوزن الـ ( 36%) ، اما نسبة الذين لم يمارسوا التدخين مطلقا فهم (% 25) من إجمالي السكان، والحقيقة التي يجب التوقف عندها ان (40%) من طلبة المدارس يدخنون بمعرفة الأهل، وأن 10% يدخنون في حرم المدرسة أي داخل أسوارها ، وأن 16% من طالبات المدارس مدخنات ، و24% من الطلبة مدخنين.
وذكر الخزاعي أن الأردنيين يدخنون بحدود 12 مليار سيجارة سنوياً، لافتاً إلى أن معدل الاستهلاك السنوي لكل فرد في المملكة من السجائر هو( 1832 ) سيجارة. والمعلومة المؤلمة تتمثل في هدر ( 400) مليون دينار على التدخين ، وان معدل انفاق الفرد المدخن الواحد يوميا دينار ونصف اردني، هذا غير الأموال الطائلة التي تنفق على معالجة الأمراض الناجمة عن آثار التدخين والتي تقدر بـ (400) مليون دينار اردني سنويا ، وهذا يعني اننا نفق (800) مليون دينار اردني على التدخين ، وهذا نزف اقتصادي خطير ، في الوقت الذي تمنحنا الدول الصديقة والشقيقة منح ومساعدات وهبات مالية سنوية لرفد ودعم اقتصادنا الوطني بمبلغ يقل او يزيد قليلا عن هذا المبلغ .
وينصح الدكتور الخزاعي المدخنين الصائمين الذين يتميزون بالعصبية والنرفزة بعدم الخروج قبل الافطار من المنزل بساعتين على الاقل، وعدم السواقة او التعامل مع الاخرين في المجتمع، والتحلي بالقيم النبيلة، فشهر رمضان شهر محبة وتلاق وصلة رحم وليس شهر لدب النزاع بين افراد المجتمع، وينصح المدخنين بعدم التدخين قبل الافطار بشكل كامل وينصح بالتدخين بعد ساعة على الاقل من تناول الافطار ، وعدم الاكثار من التدخين اي التعويض عما فاته في فترات الصيام، وتقليل عدد السجائر حتى يتعود الجسم على نسبة قليلة من النيكوتين ومحاولة اغتنام فرصة رمضان للتوقف عن التدخين.
عمون رصدت آراء مدخنين في شهر رمضان، ويقول الشاب محمد البالغ من العمر 25 عاما انه يعاني التعب والارهاق الشديد بسبب اقلاعه عن التدخين، "قائلا ان لو كنت غير مدخن لم اواجه تلك المتاعب".
ويرى محمد صعوبة الاقلاع عن التدخين في كافه الاوقات سواء في شهر رمضان او غيره، معتبرا ان التدخين وسيلة لراحة الإنسان.
اما الشابة رؤى البالغة من العمر 22 عاما فترى "ان صيامها وبعدها عن التدخين جعلها في مزاج حاد واستياء اهلها من عصبيتها المفرطة لبعدها عن التدخين".
واضافت انها تتمنى الإقلاع عن التدخين لصغر سنها، معتبرة ان التدخين من العادات السيئة التي يسلكها الإنسان بالإضافة إلى النظرة المجتمعية إلى المرأة المدخنة.