عمون - د. محمد مصالحة - ننظر بثقة إلى قدرة الشعب الليبي على استكمال بناء مؤسساته الديمقراطية بعد أول انتخابات ديمقراطية منذ عقود من حكم الاستبداد والفردية، تم فيها نهب ثروة الليبين وتبديدها ليبني فيها " القذافي" أمجاداً شخصية ويخرج بليبيا إلى الفضاء الأفريقي على حساب عمقها العربي فهو " ملك الملوك في افريقيا" وداعم حركات التمرد في العالم ومفجّر القلاقل وعدم الاستقرار في كثير من الأقطار في العالم .

واليوم ... فإن المأمول أن ليبيا ستشهد تحولات عميقة في علاقاتها العربية، وأن تأخذ المكانه التي يستحقها الشعب الليبي في محيطها المغاوي، أو في صياغة علاقة وثيقة وفاعلة في علاقاتها مع دول المشرق العربي، والتي اعترتها القطيعة أو التوتر مع دول الخليج، أو العراق ولبنان ومصر، وحتى السودان لعب فيها دوراً تحريضياً لإنفصال جنوبه عن شماله ولم تكن علاقة ليبيا بأحسن حالٍ مع دول المغرب العربي، فقد وصلت إلى حد التنازع شبه المسلح حول خليج سرت مع تونس، واستمرت مع الجزائر والمغرب لعقود بسبب المنهجية " القذافية" في التعامل مع هذه الدول كزعيم عربي اسطوري وريث " الناصرية" وأمين القومية العربية.

أما علاقته مع الأردن، فهي متقلبة وشابتها فترات القطيعة أكثر من فترات الوئام وقد كان القذافي مصدر ازعاج في أحد مؤتمرات القمة بعمان في تهجمه على دوله عربية أخرى، وملأ فضاءنا لعدة سنوات بالتصريحات والخطب المليئة بالوعود الكاذبة لتمويل مشروع الديسي. ليروي " عطش" عمان، غير أن ذلك كان مجرد تهريج، حتى قيل أنه سحب عدد من سيارات المرسيديس التي قدمها للأردن بعد أن انتهت تلك القمة العربية.

... نتطلع بأمل إلى ليبيا الجديدة لتنهض قوية شامخة، وتصنع الفجر الجديد للشعب الليبي أحفاد عمر المختار بعد ثورتهم العظيمة الثانية عام 2011 على الدكتاتورية، ليعيدوا بذلك تصحيح مسار ثورة ليبيا الأولى على الاستعمار الايطالي وانتزاع استقلال ليبيا وتحرير قرارها من ربقة هذا الاستعمار.

قطعاً... إن علاقة الأردن وليبيا وكما أثبتت الحقبة التي اعقبت اسقاط النظام الدكتاتوري فيها ستكون علاقة تليق بالشعبين الليبي والأردني ولن تتأثر بأية هفوات أو أخطاء فردية ومعزولة، لأن الارادة التي عبرت عنها ليبيا في مرحلتها الانتقالية لإعادة ليبيا إلى فضاءها العربي بعد أن خطفها النظام المقبور خارج هذا الفضاء، سوف تترجم، كما تتوقع، إلى واقع ملموس ببناء علاقات تعاون شاملة تحترم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.. ولقد أبلغني العديد من الاشقاء الليبين أنهم يقدرون عالياً الموقف الأردني المساند والداعم للثورة الليبية حينما كانت تمر في مراحلها الحرجة، وقد كان وما زال موقف الأردن يؤمن بضرورة البناء على ما تم انجازه حتى الآن في مجالات عدة في علاقات البلدين.