المسلك الأخطر في التعامل السياسي مع الأحداث هو اللجوء إلى الأساليب غير المشروعة والتخفي وراء فبركات مسرحية وتمثيليات يتم ترتيب أبطالها وكيفية إخراجها بطريقة لا تخفى على المراقبين المحايدين، في اغلب المشاهد الشاذة التي تجاوزت حدود المألوف وما تم التعارف عليه من أعراف وسقوف في التعامل والخطاب.
ما حدث عبر السنة والنصف سنة الماضية من جملة مشاهد غريبة، تدعو كل واحد منصف أن يتساءل عن كيفية تعامل أجهزة الدولة الرسمية معها وعن نتائج لجان التحقيق التي تم تشكيلها من اجل معرفة الحقائق وكشف الخبايا للجمهور بطريقة شفافة ومعلنة تحترم عقول الناس.
الاعتداءات التي قامت بها مجموعات معروفة بأسمائها وشخوصها وصورها في سلحوب والمفرق وجرش والوسطية وفي ساحة النخيل، ولم تتبناها الحكومات ولا الأجهزة ونسبت إلى مجهول، وتم الإعلان عن تشكيل لجان تحقيق لمعرفة الجناة وتقديمهم للمحاسبة العادلة، فحتى هذه اللحظة، لم يعلن عن نتائج ، ولم يتم تقديم احد إلى العدالة، ولم يتم الكشف عن هوية أصحاب الاعتداءات.
إن ما حصل في جامعة مؤتة من همجية غير مسبوقة، يجعل العقلاء وأصحاب الرأي يتحدثون حول دلالات خطيرة تحمل علامات استفهام كبيرة وضخمة، إذ تفيد بعض المعلومات انه تم إدخال أسلحة وأدوات جرميّة إلى ساحة الجامعة قبل حدوث المعركة بيوم أمام أعين وبصر بعض الأطراف المتنفذة، مما يشير إلى أمر يتم تدبيره وليس إلى التواطؤ فقط، هذا إلى جانب المعلومات التي تشير إلى بعض جوانب الحدث الذي تم فيه تدمير "المسارع النووي" في جامعة العلوم والتكنولوجيا.
علامة الاستفهام الكبرى تأتي من خلال إلصاق هذه الحوادث الشاذة بالحراك الإصلاحي والتحرك الشعبي الذي ينادي بالإصلاح ومحاربة الفساد ومحاسبة العابثين في المال العام ومقدرات الدولة، وهذا ما صرّح به بعض المسؤولين الكبار، مما يؤكد أن هذه الحوادث التخريبية لها وظائف خطيرة، في تشويه حراك الشارع أولاً وفي نيّة مبيتة نحو افتعال عنف وعنف مضاد ثانياً من اجل وضع الناس أمام خيارين لا ثالث لهما، الخيار الأول: الرضى بالوضع القائم والسكوت على الفساد والظلم والعبث والاستبداد، والخيار الثاني: حدوث الفوضى وانتشار العنف وانعدام الأمن وزعزعة الاستقرار، مما يجعل الجماهير تنفر من العنف والفوضى وتميل للسكوت والعض على الجرح المؤلمّ، مما يعزز ثقافة الخوف من التغيير والخوف من الإصلاح والمطالبة ببقاء ما كان على ما كان، ولكن الشعوب العربية أصبحت قادرة على كشف العنف المصنوع والمدبر والممنهج ولن تنجح كل المسرحيات المكشوفة في ثني الجماهير عن تحقيق الإصلاح ولو طال الزمن.
rohileghrb@yahoo.com
العرب اليوم