ما نشاهده كل يوم في الساحات العامة والمرافق المتعددة وفي مداخل المطاعم والاشارات الضوئية وفي باحات المساجد وخاصة بعد صلاة كل يوم جمعة يشعرنا بان هناك حملة منظمة لتشويه صورة المواطن الاردني وكأننا اصبحنا متسولين او نكاد او ان عددا كبيرا منا هم من هذه الفئة التي ان كانت محتاجة فيجب الاخذ بيدها الى ان تسد رمقها وتعيل اطفالها وتتحسن ظروفها اما ان كانت اتخذت التسول مهنة ووظيفة لا تفرق بين الصورة الانطباعية الخاطئة التي يرسمها السائح العربي او الاجنبي عن الاردن فهنا لا بد من تظافر الجهود وبقسوة لردع مثل هذه التصرفات البائسة التي لم يعد من الممكن السكوت عليها او احتمالها على الاطلاق.
في باحة احد مطاعم عمان الاكثر شهرة والواقع في شارع يحمل اسما علما يقف شاب امام سائح خليجي يتوسل اليه ان يعطيه اي مبلغ من المال وبقي يلح عليه في الطلب والرجل الخليجي يعتذر له بطول بال وخفة دم وصبر لا يستطيعه كثيرون الى ان جاءت اللحظة الحاسمة حيث انحنى المتسول على ركبتيه ليقبل حذاء الرجل مرددا الكلمات التي تحمل نفس المعنى والرجل محرج مما يرى ويسمع وينظر الى المارة اما طلبا للمساعدة للتخلص من المتسول او ليقول للجميع «انظروا ماذا يجري؟».
فهل يعقل ان تصل الامور الى هذا الحد من التردي في الاخلاق؟ نحن نشاهد المحتاج الياباني او الفرنسي او الامريكي او البريطاني او حتى اي متسول عربي ولا يمكن ان نتوقع او يخيل الى اي منا ان يكون طلب واحد منهم بهذا الاسلوب الهابط والتعيس والذي يحط من قيمة اناس يرفعون رؤوسهم في كل المواقع والدول وهم يعطون الصورة الانصع عن الانسان الاردني المملوء كرامة وانفة وعزة نفس اما هؤلاء فانهم لا يمثلون الواقع لكن للاسف ما يعود به السائح العربي او الاجنبي الى بلاده بعد رؤية هذه المناظر مكلف جدا ومؤلم جدا.
وفي المقابل حضرت الى المملكة طلبا للراحة والتجربة بعد ان سدت الابواب امامها محامية اماراتية معروفة وترافقها امها وهي سيدة فاضلة وفضلتا ان تتعرفا على المملكة بدون تكلف ولا حجوزات مسبقة للسيارات وصولا الى الفندق الذي سيمضون فيه اجازتهم فلما خرجتا من مبنى المطار وطلبتا التاكسي وبدأتا الحديث معه بعد انطلاقته المهذبة سألته المحامية البنت عن الاجرة الى الفندق فقال لها مائة دينار فاخذت الامر على انه طبيعي باعتبارها المرة الاولى التي تصل فيها الاردن وان اجرة التاكسي لهذه الدرجة غالية فتمنت من الله ان يكون في عون الاردنيين الذين يتحملون عبء تكاليف الحياة بصورة يومية.
وبقيت تراقب ما يجري الى ان اخذت تذهب الى المطاعم خارج الفندق للتعرف اكثر على الحياة العادية للمواطن الاردني وللضيوف والمرافقين والسياح وتقول ان فواتيرها كانت تصل الى مائة وخمسين الى مائتي دينار حيث كان اي مطعم يتعرف على اللهجة للزبونة وبعدها يقرر ان يضع امامها ما هب ودب من المقبلات والاطعمة حتى دون تدخل منها فتأتي الفاتورة وتدفع وتغادر وهي تدعو الله ان يخفف عنا الغلاء والبلاء.
وهناك الكثير من الصور التي يمكن عرضها بشكل اكثر توسعا واكثر ايلاما ولكننا بحاجة الى عمل حقيقي لصد التجاوزات والمخالفات او حتى التخفيف منها ان لم نستطع القضاء عليها فهل هذا صعب؟.
الدستور