مقاربة سياسية مع الإخوان .. هل تكفي؟!
حسين الرواشدة
18-07-2012 04:39 AM
الحوارات التي تجري بين الاخوان وبين أطراف من داخل الدولة تشير إلى امكانية الوصول “لمقاربة” سياسية قد تكسر “الجمود” الذي تراكم منذ سنوات بين الطرفين، لكنّ ثمة سؤالين: اولهما هل يكفي التفاهم مع “الجماعة” لتهدئة الاوضاع في الشارع وبالتالي اضعاف الحراكات الشعبية ودفعها الى القبول بالأمر الواقع، والسؤال الآخر: هل “انطفاء” حدّة المعارضة – بشقيها الاسلامي والشعبي – سيغلق ملف “الاحتجاجات” وسيمنع حدّة تنامي العنف الاجتماعي الذي دخل علينا – في الغالب – من بوابة “المطالب” الاقتصادية والمعيشية.. ومن ازمات مثل المياه وارتفاع الاسعار بالاضافة إلى مخزون “الفساد” الذي استفز الناس.
بالعودة إلى “المقاربة” السياسية مع الاخوان يمكن الاشارة إلى محورين احدهما يتعلق “بتعديل” قانون الانتخاب واعتقد أن هذا ممكن في ضوء القراءات والضغوط التي تابعناها في الاسبوعين الماضيين تجاه مثل هذا الخيار، والمحور الآخر يتعلق باجراء تعديلات دستورية تسمح بتحصين مجلس النواب من الحل واستشارة البرلمان عند تشكيل الحكومات.. واعتقد أيضاً أن هذا ممكن في المدى المنظور، سواء من جهة تنفيذه عبر البرلمان الحالي أو من خلال اعطاء ضمانات بإدراجه على البرلمان القادم.
هل سيقبل الاخوان بهذا “العرض” البعض داخل الحركة لا يوافق عليه، لكن الاكثرية – في تقديري – سيقبلون به؛ ما يعني – بالنسبة للدولة – أن الاخوان أصبحوا جزءاً من الحل، وأن امكانية التعامل مع الحراكات وملفاتها سيصبح سهلاً ومقدوراً عليه، ومثل هذا التقدير لموقف يستند الى قناعة جازمة بأن “الاخوان” هم الذين يشكلون “العقدة” في خشبه الاصلاح، وبأن انسحابهم من “الشارع” سيفقده زخمه وتأثيره، وهذا قد يكون صحيحاً إذا ما اعتمدنا قراءة سطحية تقوم على أن ما يطفو على السطح من “حراكات” ومطالبات واصوات ترتفع وتنخفض يمثل عنواناً “للازمة”، أما اذا نظرنا من زاوية اكثر عمقاً فسنرى صورة اخرى “لمجتمع” تشعر أغلبيته – لاول مرة – ربما أنها فقدت “الامل” بمؤسسات الدولة، ووعودها، وأنها تحت وطأة الفقر والحاجة والشعور بالظلم أصبحت غير معنية بكل ما يجري الحديث عنه من انتخابات أو حراكات أو تفاهمات، فما تريده لا تعرفه تماماً، ولكنها تبحث عن “ذاتها” وهويتها وينتابها قلق مزعج على البلد.. وهي – في الغالب – تتمنى لو تصحو على واقع جديد يعيد اليها كرامتها وأمنها الحياتي ويطمئنها على مستقبل أبنائها.
ان أخشى ما أخشاه هو أن ننشغل “بمهمة” ارضاء الاخوان واطفاء الحراكات الاخرى على حساب هؤلاء الناس الذين لا تعنيهم “السياسة” الا من بوابة ما يسد حاجتهم ويرد عنهم الاحساس بالخوف والظلم، لا اتحدث هنا عن الفقر والغلاء وانقطاع الخدمات الضرورية، ولكنني انبه الى مسألة “الكرامة” المرتبطة “بعافية المواطن والدولة معاً”، واخطر ما يجرحها هنا هو التعامل معها بمنطق “الاستعلاء” والاستهانة، سواء جرى ذلك على مستوى الخطاب أو الفعل وعلى مستوى “التغطية” على الفساد أو الاستمرار في ادارة شؤون الناس بالطريقة ذاتها.
باختصار، المقاربات السياسية ضرورية، لكن الاهم منها هي “المقاربات الشعبية” التي تجعل الدولة “وطناً” لا طرفاً، وتجعل “المواطن” اساساً لا هامشاً، وتستثمر مواقف النخب وتوجهاتها لتحقيق تطلعات الناس والاجابة عن همومهم، ورفع “روحهم” الوطنية.
الدستور