..وأعني بذلك ،جامعة الدول العربية "يرحمها الله" ،التي أسسها وزير خارجية بريطانيا العظمى ،السير آنتوني ايدن منتصف أربعينيات القرن المنصرم ،ليسهل على بريطانيا آنذاك ،القوة الأعظم،التحكم بالوطن العربي عن طريق اتصال واحد ،توفيرا للجهد والوقت.
وآخر انجازات جامعتنا العتيدة ،الاستجابة السريعة لطلب بحث قضية تسميم الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ،اذ ستعقد اجتماعا يوم الثلاثاء المقبل ،مع انه كان حريا بها أن تفتح تحقيق في اللحظة التي توفي فيها عرفات ،حتى لو أن أولي الأمر في السلطة الفلسطينية لم يطلبوا ذلك.
هذه القضية تفرض علينا اعادة فتح ملف هذه المؤسسة ،لنقف على دورها وما المطلوب منها ،وكيف تستجيب للمتغيرات ،ومن يحركها ،ولماذا نراها كطود من الجليد في بعض القضايا وأهمها القضية الفلسطينية،فيما تتحول الى جهنم الحمراء في قضايا أخرى،وآخرها سوريا ،علما الى أن اليمن تعرضت لحرب ابادة شنها الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
لا أغالي ان قلت أن الفشل الذريع هو عنوان هذه المؤسسة ،فلو راجعنا ملفات الوطن العربي منذ التأسيس الى يومنا هذا ،فلن نجد اشارة خضراء على أي قضية عربية ،بدءا من القضية الفلسطينية الى ما يتعرض له الوطن العربي من ثورات جرى اختطافها وهي في مهدها.
السؤال الذي يفرض نفسه أولا ،هو :ما الذي فعلته الجامعة العربية للشعب الفلسطيني؟ الاجابة واضحة :لا شيء ،بل على العكس من ذلك فان هذه المؤسسة شكلت عبئا على الشعب الفلسطيني لأنها دخلت في طور المؤامرة على القضية الفلسطينية بتبنيها ما يطلق عليه:مبادرة السلام العربية.
هذه الجامعة التي تقمصت دور أبي الهول ،في كافة مراحل القضية الفلسطينية ،ومنها سلسلة المجازر الاسرائيلية ،والموافقة على ارسال قوات عربية الى لبنان عام 1976 وحرب عام 1982 وحصار واحتلال بيروت أواخر ذلك العام ،واعادة احتلال الجيش الاسرائيلي لمدن السلطة ،والتطبيع العربي مع اسرائيل ،ودخول هذه المؤسسة طرفا في التعامل مع اسرائيل .وحصار المقاطعة في رام الله ..كل ذلك مدعاة ملحة لمحاكمة هذه الجامعة ،ومحاسبتها على ما اقترفت يداها بحق الشعب الفلسطيني .
أجزم أن استجابة الجامعة العربية في موضوع تسميم عرفات وبهذه السرعة ،لم يأت من فراغ ،بل كان توجيها من بعد ،وأمر بالروموت كونترول.
كانت هذه الجامعة وفي العديد من الحالات التي تتطلب حراكا عربيا رسميا سريعا لدرء كارثة ،تماطل في عقد اجتماع قمة ،أو على مستوى وزراء خارجية،فتمر الكارثة مرور الكرام ولا نسمع صوتا لمؤسسة ايدن ،بينما كانت هذه الجامعة تجتمع فورا في بعض الظروف وأسطعها الخلاف العراقي –الكويتي الذي كنا نتمنى لو لم يقع ،وأجزم أنه لو كانت هناك جامعة عربية "جامعة " لما تطور الخلاف الكويتي العراقي الى اجتياح .
آن الأوان أن يهتف الجميع :الشعوب العربية لا تريد هذه الجامعة التي تفرق ولا تجمع وباتت عبئا علينا يجب التخلص منه اليوم قبل الغد.