فتح إعلان الحركة الإسلامية (إخوان وجبهة)، والجبهة الوطنية للإصلاح، وحركات شعبية وقوى مجتمعية نيتهم مقاطعة الانتخابات النيابية المفترضة آخر العام، بابا واسعا للسؤال - في ظل المقاطعة- ماذا نريد من الانتخابات المقبلة، وشكل المجلس السابع عشر، ودور القوى المجتمعية فيه.
صحيح أن الحكومة لا تستطيع جر الناس والأحزاب للمشاركة في الانتخابات المقبلة بالسلاسل، ولكن من واجبها خلق ظروف موضوعية تشجع على المشاركة، وعدم وضع حواجز ومعيقات في الطريق.
بداية، انا ضد تأجيل الانتخابات المبكرة المرتقبة، وضد بقاء مجلس النواب الحالي أكثر من ذلك، وانا ضد فكرة مقاطعة الانتخابات من حيث المبدأ، ولكني أيضا ضد الصوت الواحد، وضد أن نذهب إلى انتخابات نهاية العام "بمن حضر".
دعونا نتذكر أن حكومات سابقة جربت فكرة "من حضر" وكانت النتيجة مجالس نيابية خالية الدسم، لم تدم أكثر من نصف عمرها، فأنا ضد أن تدير الحكومة ظهرها وتقول، القانون موجود ومن يريد المشاركة فليفعل، ومن لا يريد فلن نركض وراءه.
دعونا نتفق أن الحكومة عليها أن تتعامل مع الانتخابات المزمعة بشكل مختلف من خلال النظر للظروف الموضوعية، وإقناع الناخب بنزاهة الانتخابات وجلب الجميع إلى صناديق الاقتراع، وهذا لا يتم إلا من خلال مشاركة القوى الحية في المجتمع. فما جدوى الانتخابات إن لم تشارك فيها الأحزاب، بكل تلاوينها ومشاربها ومعتقداتها وأفكارها، وما فائدة الانتخابات إن بقيت الحركات الإصلاحية بعيدة عن ساحتها، وبالتالي ستبقى تخرج كل جمعة لتطالب بحل مجلس النواب.
وما فائدة الانتخابات المبكرة، وحل مجلس النواب الحالي إن لم تستطع الحكومة جلب قوى الحراك وأحزابه إلى قبة البرلمان، وبالتالي ضمان أن يكون الخلاف في وجهات النظر تحت سقف البرلمان وليس في الشارع.
ببراءة دعوني أسأل هل هناك طرف يريد أن يبقى أطول قدر ممكن ويدفع لعدم خلق توافق على القانون، وعدم مشاركة أطياف سياسية معارضة في الانتخابات، باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى تأجيل إجراء الانتخابات؟ هذه المعادلة تخدم الحكومة لأنها ستضمن عدم استقالتها دستوريا، وتخدم مجلس النواب الذي سيكون ضمن دورة نيابية جديدة. أنا هنا لا أتهم ولكني اتساءل.
أعتقد أن الوقت لم يفت حتى الآن لإجراء الانتخابات قبل نهاية العام بمشاركة الجميع، إذ لا يعيب الحكومة فتح حوارات مع الجميع لإجراء تعديل على قانون الانتخاب، وبالتالي جلبهم إلى قبة البرلمان بدلا من إبقائهم في الشارع، فسياسة إدارة الظهر لا تفيد فالوطن أكبر وأغلى، كما أن سياسة من انتم، لا تجدِي نفعا.
إزاء ذلك فإنني أضع أمام عقل الدولة المقترح التالي، إذ لا يضيرنا إعادة النظر مجددا في قانون الانتخاب وخاصة أن الأسباب الموجبة موجودة ومبررة، وهي نقل المقعد الشركسي والشيشاني من الدائرة الخامسة إلى الثالثة، وإضافة أسماء عشائر بدوية يحق لها الانتخاب في دوائر البدو الثلاث لم يتم إضافتها على قانون الانتخاب الجديد، وفق ما صرح به مرارا وتكرارا النائب حابس الشبيب، وإعادة النظر في موضوع البطاقة الانتخابية التي تشتكي منها الهيئة المستقلة للانتخابات كثيرا.
وقتها لا ضير ولا ضرر بأن تعود الحكومة إلى قانون الانتخاب السابق الذي جاءت به حكومة الرئيس عون الخصاونة، بمعنى صوتين للدائرة وصوت للقائمة الوطنية، أو العودة لفكرة الرئيس معروف البخيت بثلاثة أصوات، وقتها تكون الحكومة نزعت فتيل أزمة، وقدمت خطوات تصالحية لا يمكن أن يتم إنكارها وقدمت خطوة للإمام، وقتها ستكون الكرة وضعت في مرمى الجهات المقاطعة وليس في مرمى الحكومة.
لا يفيد الهجوم على من أعلن المقاطعة والبحث عن أسباب ذاتية داخلية لديه دعته لذلك. وبدون النظر إلى القانون ومعضلته فإن ذلك إنكار لواقع أساسي هو أن الصوت الواحد الذي "دُمغ" به قانون الانتخاب أصبح غير مرغوب فيه شعبيا، فمتى سيصبح غير مرغوب فيه حكوميا ولدى دائرة صنع القرار. لننتظر ونر، والمقترح الأسبق بمثابة رسالة لمن يهمه الأمر!
Jihad.mansi@alghad.jo
الغد