الإخوان والمقاطعة وتحولات الحركة
د.مهند مبيضين
15-07-2012 03:41 AM
اتخذت جماعة الإخوان وبعض الحراكات المنادية بالإصلاح قرارا –قد يحدث به تغيير في المواقف- وهو مقاطعة الانتخابات، وقرار الجماعة يأتي في ظل حالة توتر واتقسام في دواخلها، قد يحدث به تطور لاحق، أو تواجه الحركة نتيجة خيارها.
سعى قادة الحركة مؤخرا إلى لقاءات مع شخصيات أمنية للحصول على منفذ ما، أو ضمانات لكي يشاركوا، أو للتباحث في توجيه جهة ما للضغط على الحكومة والبرلمان ليُعدل قانون الانتخاب على هواهم، فهم ينتقدون ضغط الأجهزة - إن وقع على النواب- لكنهم لا يمانعونه إذ ما قاد إلى نفع عام، حسب ما يبررون لسلوكهم السياسي، كي يوافق مقتضى هواهم.
مشكلة اخوان الأردن أنهم يعيشون تمثل التجربة المصرية والتونسية، لكن المظلومية التاريخية التي يبحثون عنها غير متوفرة، فلاهم بمثل مصائر إخوان مصر من السجون أو الاعتقالات إلى السلطة ولا هم مثل نهضة تونس التي شيبتها المنافي قبل انهيار زين العابدين، لا بل صفقتهم مع حكومة مضر بدران بجامعة خاصة وكلية شريعة في اليرموك ...الخ تظل حاضرة في التاريخ.
وأزمتهم أيضا أن فكرة المظلومية عندهم احد أشكال الدعاية لها أن كل من يكتب ضدهم فهو مامور بذلك، وأن الاجهزة تدفع له، في حين انهم لا يمانعون من مفاوضة الأجهزة على سقف مشاركتهم لو كان ذلك السقف بيد تلك الأجهزة أصلا، ومع هذا يظلون طيفا واتجاها له تحولاته وانصاره، وهو كلما أوغل نحو التطرف والتشدد كلما هدد بجفاف تأييد القوى الأخرى له.
هواجس الإخوان كالتالي، ماذا لو اجريت الانتخابات ومضى الربيع العربي دون ان يكونوا في البرلمان، كيف يواجهون الأمر، وهل سيولد هذا الموقف مزيدا من التفكير عند القيادات الشابة والنسوية إلى ضرورة احداث مراجعة داخل الجماعة؟ وهل يمكن ان نرى حزبا شبابيا إسلاميا جديدا، تقوده مجموعة من الشباب الذين باتوا في حالة قلق على مستقبل الجماعة؟.
ثم إلى أي مدى يمكن ان تستمر مظاهر التصلب في الجماعة، باعتبارها أديولوجيا دينية بالإضافة إلى كونها نسقا من الأفكار والتصورات، وماذا سيضيف عليها منطقها الاعتقادي؟ وهل الثمن الدخول في بطن الدولة في أي صورة وفي أي صفقة؟ ومن يملأ فراغ الغياب عوضا عنهم؟.
ربما لا يملك أي منا الإجابة عن ظرفية الحال الإخوانية، فأهل الإخوان أدرى بشعاب مواقفهم، لكن التقدير يظهر أن الجماعة في مواقفها الراهنة، من رفض للمشاركة بالحوار الوطني أيام حكومة البخيت ثم قبولهم بالجلوس مع حكومة الخصاونة ومفاوضتها على المقاعد والحصص، ثم رفضهم لقانون الانتخاب قبل التصديق والذي ارسلته حكومة الخصاونه للبرلمان، ثم مناشدة الملك لانقاذ القانون لانه تجاهل توصيات الحوار الوطني الذي قاطعوه، ثم عودة لمقابلة مدير المخابرات لترتيب ما، وصولا إلى قرار المقاطعة، فإن ذلك يعكس عدم الوضوح والارتباك.
ومرد هذا التناقض، أنه يأتي نتيجة لحالة احتجاجية داخل منظومة الجماعة على التطورات التي طرأت داخلها، وهي على مستويين من مستويات التدين، الأول فكري والآخر تعبدي، وبين هذا وذاك تنبه إلى الانحرافات التي حصلت داخل الإسلام الحركي برمته.
هذه الانحرافات في الأردن هي نتجية لما قامت عليه الجماعة من خروج على الرسالة العقدية ومنهج الدعوة القائم على انجاز مهمة الإصلاح الديني والتربوي وهامشية الإصلاح السياسي، مقارنة مع المهمة العبادية. ولعل وجود الصقور والحمائم اليوم بصيغ مواقفية فكرية وسياسية، هو انعاكس جلي لتحدي انقسام الجماعة، وهو ما حاول القيادي رحيل غرايبه ان يشير إليه في مقالاته مؤخرا.
Mohannad974@yahoo.com
الدستور