علمونا التاريخ ونحن أطفال كما كتبه أو تخيله الكثيرون، بعضهم كان شاعرا.. مثلا. وخياله خصب، فكان يضفي على ما يكتبه على أنه تاريخ كل ما يصل إليه خياله... فإن كان خياله ضحلا.. يستعين بإنشائه أحيانا ليفسر الظاهرة التاريخية.. وأحيانا ليمشط لحية سيدة وأحيانا .. الخ
ومن أشهر ما درّسونا مما يوجد ألف دليل على زيفه ونفي حدوثه خطبة طارق بن زياد العصماء الفصيحة التي تشبه كتابات مصطفى صادق الرافعي.. هكذا بكل بساطة .. وتناسوا أن يخبرونا أن البطل والفاتح العظيم طارق بن زياد كان أمازيغيا بربريا ولا يتقن العربية أصلا..
وربما كان مؤلف هذه الخطبة من (القومجية) الذين يحبون أن ينسبوا كل فضل للعرب.. المهم.. أن طارقا كما زعموا أحرق سفن الجيش حتى لا يفر أحد من جنوده.. ولا يبقى أمامهم إلا القتال في (وادي لكة) على الساحل الأندلسي.. وأن إحراق السفن هو الذي أتى بالنصر والغنيمة..
.............
كثيرون تعلموا الدرس جيدا.. فما أن ينتخب الشعب نائبا من هؤلاء الكثيرين حتى يحرق كل سفن العودة إلى صفوف الشعب، ويحقق بذلك كل غنائمه الشخصية، ولا يعود يمتلك سفينة للرجوع عن مكتسباته.
ما أن يصبح أحد أولئك الكثيرين وزيرا أو سفيرا حتى يحرق كل سفن العودة إلى ممارسة أي عمل لا يليق بمكانته الجديدة، وتستمر الغنائم.
ما أن يترفع موظف كبير إلى وظيفة أعلى حتى (يقرقط ) في الكرسي ويحرق سفن العودة.. وتستمر الغنائم.
ما أن يرحل (مصلح بوابير سابق) إلى عمان الغربية حتى يحرق كل سفن العودة إلى عمان الغلبانة الأخرى.
ولهذه النظرية التي استقى مبادئها خميس بن جمعة من أكذوبة حرق السفن التي ألصقت بطارق بن زياد كل الفضل على نوابنا الأشاوس.. فرغم أن المجلس الهالك ورد في وصفه أبشع الألفاظ من مثل: أسخف مجلس.. وأفشل مجلس.. و(أحرحش مجلس) (من التحرش) إلا أن ثلثيه تقريبا متمسكون بهذه النظرية العظيمة.. وأصروا على إحراق سفن العودة.. وما زالوا يمارسون عملية (استطقاع) للناس الذين شهدوا أداءهم المخزي.
يسألني خميس: أرأيت يا صاحبي كيف أن إحراق السفن يأتي بالغنائم؟
أجبت وأنا أتصنع الدهشة: والله صحيح.. (بس ليش ولا واحد من هذول فتح الأندلس؟)
قال: لأنك مغفل .. ولم تميز بعد بين الغنيمة وبين النصر.. مثلا.
http://atefamal.maktoobblog.com/