في مقابلة كوفي عنان، المبعوث الدولي/العربي لسوريا، مع جريدة لوموند، سئل عن الحلول التي يحملها للأزمة السورية فقال أن « جعبته خاوية من جواب؛ فثمة عوامل كثيرة متداخلة؛ وأعداد كبيرة من اللاعبين. لروسيا طبعاً نفوذ في سورية...» وهكذا!!
كان الرجل أمينا في جوابه. فهو لا يملك حلا، وما لديه من أفكار لا تملك أرجلا تمشي بها. ولم تساعده مداولات مجلس الأمن أو اجتماعات أصدقاء سوريا في باريس وجنيف والقاهرة وتونس، أو اجتماعاته في طهران وتركيا. فهذه كانت كلها محاولات لترتيب مصالح الدول الكبرى في سوريا بعد انتهاء الصراع فيها.
تذكرنا حالة عنان، هنا، بحالة توني بلير، ممثل الرباعية الدولية، ورحلاته العبثية بين أطراف النزاع في الشرق الأوسط التي لم تكن تستهدف غير بقائه في الصورة وما يجره عليه ذلك من مكاسب شخصية.
فالوضع في سوريا يتحول إلى وضع تستحيل معه المصالحة بين أطرافها. لقد أصاب القتل والدمار كل مدينة وقرية سورية مما يحرم النظام من العودة كليا أو جزئيا إلى ما كان عليه قبل الثورة، اللهم إلا أن يكون ذلك على سبيل جر مجرم لمحاكمة أو تنفيذ حكم.
ما يجري هناك ليس أقل من حرب أهلية بالتعريف والواقع. فقد عرف علماء (جيمس فيرون-جامعة ستانفورد، مثلا،) الحرب الأهلية بأنها ذلك الصراع الذي يسقط فيه 1000 مصاب، سنويا. وسقط في سوريا، خلال السنة والنصف الأخيرة، أكثر من عشرين ضعف هذا العدد من القتلى وحسب، وأكثر من مائتي ضعفه من مصابين آخرين بين معتقل وجريح ونازح ولاجئ وشريد وجد نفسه أمام ركام كان بيته من قبل.
في مثل هذه الحالة، كما حدث من قبل في 136 حربا أهلية نشبت في العالم ما بين سنتي 1955-2004 يجري الصراع باتجاه واحد لا رجعة فيه، وهو انتصار الثوار وتغيير نظام الحكم الذي ثاروا عليه.
كما اتفق علماء آخرون ( موغنثاو وآخرون) أن الصراع بين الدول يسمى حربا إذا بلغ عدد المصابين حوالي 40 مصابا، يوميا. بهذا المعنى يصبح ما يحدث في سوريا أشد من حرب دولية أو إقليمية. وهي، في سوريا، حرب جديدة يشنها نظام مدجج ضد شعب أعزل، هو شعبه، لا سلاح له سوى غضب أبنائه، من هول الجريمة، فينضمون للثوار منهم، فيما صرنا نسميه، بكثير من التمنيات الصادقة بالنجاح السريع، «بجيش سوريا الحر.»
تتسارع الأمور، في البلد الشقيق، على أي حال، باتجاه الحسم واختتامها بالحل الوحيد المتاح وهو خروج الأسد وأهله لروسيا أو الصين، فهما الدولتان الوحيدتان اللتان تقبلان بهم وتضمنان أمنهم.
لا يرى الكثيرون غير ذلك، بمن فيهم، بحسب أخبار غير مؤكدة، ولكن متواترة، عدد متزايد من الوطنيين السوريين من الطائفة العلوية يضغطون باتجاه هذا الحل.
فهل من المعقول، والحالة هذه، الافتراض أن يكون عنان قد أعاد طرح هذا الأمر في مباحثاته مع قادة النظام في دمشق؟
الرأي