كان شعورها عندما وضعت طفلها الثالث مختلفا، إذ لم تكن قلقة على موازنة العائلة التي كانت تفقد جزءا كبيرا من إيراداتها، خلال فترة إجازة الأمومة حيث كان رب العمل يمتنع عن دفع راتبها بحجة أنها غير منتجة في تلك الفترة.
والاستغلال الذي تعرضت له النساء على مدى سنوات في هذا الجانب ليس له حدود، تحديدا في القطاع الخاص، حيث كان أصحاب العمل يستكثرون دفع الراتب للأم خلال إجازة الأمومة، أو يقدمونه لها كأعطية أو مكرمة، وحتى اللحظة لم تتغير هذه العقلية، التي ما تزال تؤمن أن مكان المرأة المطبخ وغرفة الغسيل.
حال الأم وطفلها مختلفان هذه المرة، حيث استفادت السيدة من تأمين الأمومة الذي بدأت مؤسسة الضمان الاجتماعي بتطبيقه منذ أشهر، لتدعم بقاء السيدات في سوق العمل، وتقلل من المحددات التي تؤدي إلى تخفيض نسبة مشاركة النساء الاقتصادية.
راتب الأم يقارب 1300 دينار شهريا، وقدم لها الضمان قيمة راتبها الخاضع للضمان والتي تقارب 850 دينارا عن كل شهر، حيث يغطي التأمين كامل مدة الإجازة البالغة 70 يوما، إذ بلغ عدد المستفيدات من تأمين الأمومة نحو 100 امرأة عاملة.
الخطوة ريادية وتعكس احتراما كبيرا للمرأة وتقديرا لدورها، وتؤكد أهمية بقائها في سوق العمل والانخراط فيه، حيث شكلت المعاملة السيئة لأرباب العمل على مدى سنوات أحد أهم أسباب عزوف النساء المتزوجات عن العمل نتيجة امتناع الشركات عن تسديد رواتبهن خلال فترة الوضع.
التمييز ضد النساء بلغ حدودا كبيرة وأشكالا متعددة، إذ عمد بعض أصحاب المشاريع والشركات إلى عدم تشغيل النساء المتزوجات، والحجة كثرة الإجازات المرضية وطول فترة إجازة الأمومة، الأمر الذي يكبد الشركات خسائر مالية، بحسب زعمهم.
أهمية تأمين الأمومة لا تتوقف عند تأمين دخل شهري للمرأة الأم في هذه الفترة المهمة من حياتها، بل يتعدى ذلك ليكون له دور في تمكين النساء وتقويتهن ولجعلهن مؤمنات بالدور المهم الذي يؤدينه في الحياة وفي بناء مجتمعاتهن.
تطبيق تأمين الأمومة وتخليص النساء من المنة التي يتعامل بها أصحاب العمل مع النساء العاملات لديهم، يعد انجازا يساهم بتكسير الصورة النمطية للمرأة ويعطيها دورها الحقيقي في البناء والإنتاجية والمشاركة.
لدى المؤسسة نوع جديد من التأمين هو تأمين التعطل، استفاد منه ما يزيد على ألف متعطل عن العمل، وهذا النوع من الضمان يستهدف العاطلين عن العمل ممن فقدوا وظائفهم لتمكينهم من العيش حتى الحصول على فرصة عمل جديدة، وفي هذا حماية اجتماعية من خطر البطالة وحماية من انزلاق أسر إلى ما دون خط الفقر بعد انقطاع مصادر دخلها.
مؤسسة الضمان بتطبيق الفكرة تمكنت من إحراز هدف وقدمت أنموذجا مهما في كيفية جعل الأفكار النبيلة واقعا مطبقا، وهذا هو المهم بأن تتحول فكرة مفيدة لحقيقة لا أن تبقى حبرا على ورق ككل الأفكار الجميلة لدينا.
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد