خوذة وواقي رصاص وسدادة أذن
جهاد المنسي
11-07-2012 02:11 PM
حادثة إشهار النائب محمد الشوابكة مسدسه في وجه النائب الأسبق منصور سيف الدين مراد، خلال برنامج حواري على إحدى الفضائيات الخاصة، دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، وبات البرلمان الأردني الأشهر عالميا عندما يتم تعداد الحوادث الغريبة وغير المألوفة في برلمانات العالم.
فبعد حادثة الحذاء الذي ألقى به النائب يحيى السعود تجاه زميله في البرلمان جميل النمري، بسبب ما اعتبره السعود "تشهيرا من قبل النمري بحق مجلس النواب"، رافضا النقد الذي يبديه النمري، اعتقد البعض أن البرلمان السادس عشر -الموشك على الحل- سيكتفي بذلك، وستكون تلك خاتمة أعماله. بيد أن أعضاء فيه كان لهم رأي آخر، فواصلوا مسلسل اجتراح المفاجآت الصادمة للشعب الأردني، وحتى لبعض أعضاء المجلس، الذين أصبحوا يداعبون الصحفيين بالتعليق أن المسدس المرفوع كان مسدسا بلاستيكيا وليس مسدسا حقيقيا، وكان الحادث مفاجئا للإعلام العالمي أيضا.
حادثة إشهار السلاح على الفضاء مباشرة، نقلتها تلفزيونات أميركا واليابان؛ بمعنى أن تلفزيونات أقصى الشرق وأقصى الغرب تعاملت معها باعتبارها حدثا عالميا يستحق الكلام عنه.
التلفزيونات العالمية التي نقلت حادثة الشوابكة ومراد، لم يسبق لها أن تعاملت مع أحداث تاريخية وقعت عندنا، ولكنها لم تغفل الحادثة لأنها غريبة على مستوى العالم، ويمكن أن لا تتكرر خلال فترة طويلة، إلا إذا أراد احد أعضاء مجلسنا الحالي أن "يضارب" على زملائه ويبتكر طريقة جديدة للفت انتباه العالم من خلال استخدام "أر. بي. جيه" مثلا، أو أي سلاح فتاك آخر.
لا تستعجلوا ودعونا نرى، ففي عمر مجلس النواب الحالي بقية تسمح لمن يريد اختراع طريقة جديدة أن يفكر، ولكن عليه سرعة التنفيذ قبل نفاد الوقت.
شخصيا، سأطلب من إدارة "الغد"، ومن الزميلة رئيسة التحرير توفير عدة سلامة مهنية لي على المستوى الشخصي، هي خوذة رأس، حتى أستطيع تلافي أي "كندرة" متطايرة في السماء، فلا يقع عليّ ضرر إن هبطت إحدى فردتيها عليّ؛ إذ أجد أن من واجبي الحفاظ على توقد ذاكرتي، وعدم تعرضها لارتطامات غير متوقعة حتى أستطيع تسجيل ما يفعله أعضاء مجلس النواب الحالي من عجائب وغرائب، والتفريق بين واقعة وأخرى لكثرتها.
وسأطلب أيضا توفير سترة مضادة للرصاص حتى أشعر بالأمن، وأنه لن يصيبني مكروه في حال أشهر أحد النواب سلاحه وأطلق الرصاص عشوائيا؛ فأطفالي، مؤيد ويارا ومراد، يحثونني على فعل ذلك خوفا على حياتي من رصاصة طائشة من نائب غاضب، لاسيما أنه بعد عملي لما يقرب من 15 عاما في الشأن البرلماني، لا أعرف ولا أستطيع أن أتوقع متى يمكن أن يغضب النائب والسبب الذي سيغضب من أجله.
فضلا عن الخوذة والسترة الواقية من الرصاص، سأطلب سدادة أذن حتى لا أسمع وابل الشتائم التي يطلقها نواب عند احتدام المعركة، وحتى لا يعلق في أذني أي منها.
سادتي! رفقا بقبة البرلمان، فلطالما شهدت رجال دولة تركوا بصمات تشريعية ورقابية فارقة، وما يزال التاريخ يذكرهم، والناس تتحدث عن أفعالهم الإيجابية؛ رفقا بمؤسسة مجلس النواب التي نجلّ ونحترم، ولا نقبل مهما حصل أن تكون موضع شك أو تشكيك، ولا نقبل مهما فعلتم أن يتم الانتقاص من قيمة السلطة التشريعية باعتبارها جزءا رئيسا من أركان الدولة.
قد يقول قائل إن ما يحدث عندنا يحدث في برلمانات مختلفة، وهذا صحيح، ولكن برلماننا فاق كل برلمانات العالم من حيث كثرة "الهوشات"، وابتكار أدوات "الطوشة"، ولذا ربما يدخلنا مجلس النواب السادس عشر في كتاب "غينيس" باعتباره من أكثر مجالس النواب في العالم "طوشا" خلال فترة وجيزة.
أخيرا، فإنني أبلغ رئيسة التحرير أنني مصمم على الخوذة وواقي الرصاص وسدادة الأذن.
الغد