الانتخابات لن تكن مزورة بل مرسومة
نايف المحيسن
10-07-2012 08:12 PM
شهدت الساحة الاردنية مؤخرا العديد من المواقف التي يبدو انها توحي برسم لخارطة الطريق للمرحلة القادمة ما بين الحكومة وممثليها الذين يقودون دفة الحوار وما يجري من تفاهمات مع القائمين على الحركة الاسلامية.
اهم ما رصد تصريحات لخالد مشعل التي قال فيها ان صقور الاخوان هم اقل تشددا من حمائمهم تجاه مقاطعة الانتخابات النيابية القادمة وهذا يوضح ان هناك انقسام داخل الحركة تجاه الشأن المحلي الاردني وهوما عبر عنه القيادي في الحركة الدكتور رحيل الغرايبة الذي انتقد استفراد قيادات الاخوان المسلمين في الحوار نيابة عن الشارع الاردني اولا وعن كافة اطياف الحركة ثانيا.
اللافت ايضا هو تراجع الزخم الحراكي الاردني فلاول مرة من بداية الحراك لم تشهد ساحة المسجد الحسيني حراكا بالمطلق وهذا يوضح ان الحركة الاسلامية التي من المفترض فيها دعم زخم الحراك قد تراجعت خاصة وان المشاركة في الحراك لدى اي تنظيم تكون من خلال تعليمات قيادته.
ويبدو ان الطيف الحزبي الاخر من التيارات القومية واليسارية ايضا حاله كحال الحركة الاسلامية مساهم ايضا في التراجع ,ولكن برز نوع اخر من الحراك سببه الاستفزاز وبدأ يأخذ طريقا مختلفا رغم قلته ولكن له من الخطورة ما يوحي بان الايام حبلى باسلوب مختلف لهذا الحراك سيكون اشد خطورة وايلاما وما حدث في السلط يعد نموذجا تلاه ما حدث على مثلث النعيمة في اربد اضافة الى انواع الحراك المختلفة التي تسعى لمطالب وظيفية وهذا كله يعبر عن حالة لا يمكن ان نصفها بالهدوء ولكن علينا ان نصفها بالحذر من القادم.
يبدو ان الحركة الاسلامية تسعى الان لهدف واحد لا غيره وهو الكيفية التي سيكون عليها زخمها في الانتخابات القادمة وهي اي الحركة تصب تركيزها على هذه القضية ليكون لها على الاقل ثلث مقاعد مجلس النواب ضمن تركيبة يجري رسمها الان ويكون هناك ثلث المقاعد للقوى الوطنية الاخرى بما فيها الاحزاب والفئات الاخرى التي كانت تساند الحراك لتكون هذه الفئات مع الاحزاب ممثلة لجزء من التركيبة في الشارع الاردني في حين ان الحكومة لن تجعل الساحة مهيئة لهذه الاطراف لتبقى هي اللاعب الرئيس للمرحلة القادمة من خلال تكوين ثلث اخر ممن هم في صف الموالاة والحكومة.
إذن هناك سناريوهات يجري رسمها الآن واللاعبون الاساسيون فيها الحكومة من طرف والحركة الاسلامية من طرف، فيما يجري الحديث عن قوائم للانتخابات للاطراف الاخرى، وهذا يعني ان الانتخابات النيابية القادمة لن تكون مزورة بالمعنى الحرفي للكلمة، بل ستكون مرسومة من خلال خارطة يجري رسمها الآن، وسيكون طرفين متحالفين من هذه الاطراف المكون الاساسي للحكومة البرلمانية القادمة.
الحكومة ننظر الى الانتخابات القادمة على انها قد تكون مرحلة لامتصاص غضب الشارع وان ما ترسمه لاسترضاء الاطراف الموجودة في الشارع ولو مؤقتاً سيساهم في اعادة الامور الى ما كانت عليه قبل ان يبدأ الحراك في الشارع، وهذا هو هم الحكومة ومخططها، لذلك تسعى لتركيبة نيابية تساهم في وقف الحراك. وقد بدأت بوادر تخفيف رتم الحراك مع ما يجري من تفاهمات مع الحركة الاسلامية.
لا ندري الآن ماذا ستخبىء لنا الايام القادمة.. فالحركة الاسلامية الآن رغم ما تشهده من تجاذبات واختلاف في الرأي، الا ان القيادات لها القول الفصل وما يقال عن عدم رضى لشباب الحركة عما يجري لن يكون الا زوبعة في فنجان، فأصحاب الحنكة السياسية في الحركة سيلجأون الى كبت الأصوات التي تعترض على اساليب تعاملها مع الشأن المحلي.. لكن في المقابل هناك بؤر مشتعلة واشد ايلاما غلى الحكومة من الحراك لا ندري ان كانت هذه البؤر ستشتد أو تتوسع، فهذا ما ستظهره لنا الايام القادمة، خاصة مع وجود استفزازات لكبح هذه البؤر واطفائها بالقوة، اضافة الى انعكاس التفاهمات للمرحلةالقادمة على الشارع ان قبل بها أم لا وهو لن يقبل.