منذ أن بدأ الحراك العربي، بقيام الشاب التونسي محمد البوعزيزي، بحرق نفسه في تونس قبل نحو عامين، بدأت الأسئلة تنهمر مثل زخات المطر في كانون ،ومنها: متى يندلع الربيع الفلسطيني؟ أين الشعب الفلسطيني لينقض على سلطته الفاسدة؟ لماذا لن تندلع الانتفاضة الثالثة وتكون ضد السلطة؟ كما أن بعض مراكز الدراسات وبعض أدعياء الكتابة تحدثوا عن ضرورة حل السلطة....!؟
قبل الغوص في التفاصيل لا بد من هذه المقدمة لنختصر على القارئ الكريم ،الكثير من الأمور التي تدخله في غياهب الأسئلة التي لا أجوبة لها في بعض الأحيان.
ما أود قوله هو أن هؤلاء الذين خاضوا في موضوع السلطة لم يستدعوا أمنياتهم بثورة الشعب الفلسطيني مجددا ضد الاحتلال الاسرائيلي، بل ركزوا اهتمامهم على السلطة وهنا مربط الفرس....ولا يظنن أحد أنني أدافع عن السلطة.
منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مستشفى عسكري بباريس، والغموض الذي أحيط بوفاته، وامتناع باريس آنذاك عن نشر التقرير الخاص بالوفاة ،ناهيك عن طريقة تغليف جثمان الراحل بالاسمنت قبل دفنه في رام الله في الظلام ،ونحن نصرخ بأعلى الصوت أن الرجل مات مسموماَ.
قيل الكثير، لكن البعض لم يرد أن يسمع، لأنه غارق في التهمة من أخمص قدميه حتى قمة رأسه، وظهرت معلومات جديدة عن التسميم وزج باسم محمد دحلان وهكذا دواليك، ولم نصل الى نتيجة الى أن جاءت قناة "الجزيرة" التي عودتنا من نشأتها قبل نحو عشر سنوات، وفتحت الملف مجددا بطريقة مكلفة اذ ذهبت الى سويسرا وجندت الخبراء ودفعت ملايين الدولارات.
لم تعد "الجزيرة" كعادتها فارغة اليدين أو خاوية الوفاض من سويسرا، بل عادت بسلة قطوفها دانية، وفجرت القنبلة الحارقة الخارقة التي لم تنفجر بعد ، بل تخرج دخانا بقدر، لكنه يكفي لتكوين غيوم في سماء السلطة الفلسطينية، ستمطر ذات شتاء بات يقترب بسرعة، لكنه لن يخرج منه الماء القراح ،بل ستخرج منه سموم تكفي كل المتآمرين على الرئيس الراحل ياسر عرفات ،وها هو رئيس لجنة التحقيق في موت عرفات ،الرجل الأمني توفيق الطيراوي ،يتهم صراحة بعض المسؤولين الفلسطينيين بأن لهم صلة بمقتل الرئيس عرفات، ولعمري أن هذا ليس غريبا علينا،لكن مغزاه في هذه الفترة كبير.
سيتم تشكيل لجنة فلسطينية عربية دولية للتحقيق في مقتل عرفات بالسم، وعندها سينهمر سم الغيوم الفلسطينية المتلبدة هذه الأيام ويثور الشعب الفلسطيني على سلطته لأن بعض مسؤوليها تورطوا في تسميم الرجل الرمز، عند ذلك ستنتهي السلطة الفلسطينية التي لم تنجح في ادارة الشأن الفلسطيني ولم تحقق أي نقلة نوعية في الصراع الاسرائيلي –الفلسطيني وها هي الآن تعاني شحا ماليا لا أظن أنه من فراغ.
بعد ذلك ستكون حركة "المقاومة" الاسلامية حماس التي انتزعت الحكم في غزة عن طريق السلاح جاهزة لانتزاع السلطة في الضفة عن طريق السلاح وغيره ويكون "الربيع" الفلسطيني قد أينع وأزهر اسلاما سياسيا فلسطينيا يتمثل في حركة حماس. ويكون الفلسطينيون بذلك قد اندمجوا مع بقية الشعوب العربية التي تخوض صراعا فرض عليها مع لزوميته لتنتقل دون ارادة منها الى حكم الاسلام السياسي.