الانتخابات في موعدها هذا العام
محمود الريماوي
11-02-2007 02:00 AM
هذا ما تشي به مؤشرات عدة ، أهمها الإدراك بأن التقيد بالموعد يظل أقل كلفة ، من أي تأجيل لا يجد مسوغاته الكافية . فحولنا في لبنان ومصر وفلسطين وحتى في العراق المنكوب ، فإن الاستحقاق الانتخابي يجري في موعده .
لكن وبعيداً عن الجدول الزمني ، فلنا أن نلاحظ أن كل شيء في محله أيضاً : فليس هناك قانون انتخاب جديد أو معدل ، وقانون الصوت الواحد ما زال يلقي بظلاله الثقيلة ، فلا تم الإبقاء على القانون السابق الذي يتيح اختيار أكثر من مرشح للدائرة الواحدة ، ولا تم الأخذ في الاعتبار تمكين الأحزاب من الوصول الى مقاعد البرلمان . الذي تم فقط هو إسباغ الحكومات وعوداً جزيلة بقانون انتخاب "عصري" ذات يوم من أيام الزمن . مع انجاز رفع رواتب النواب والأعيان الى جانب الوزراء ،أسوة بصغار الموظفين ..
وعليه فإن المرء يشك بأن ترتدي الاتخابات في موعدها طابعاً سياسياً مقنعاً ، فيما هي مناسبة سياسية بامتياز . وهو أمر يسترعي الانتباه ، وذلك قياساً بالطموح الإصلاحي ومفردات التعددية والحياة الحزبية والتنمية السياسية ، وحتى تداول السلطة (التنفيذية ) ، ووفرة الحديث بمناسبة وغير مناسبة عن الديمقراطية . فالأجيال الجديدة وهي معقد كل تغيير ومناط كل إصلاح ، لا تجد في الانتخابات مناسبة وطنية للتنافس بين أصحاب برامج تنموية ومشاريع سياسية ، بقدر ما ترى فيها فرصة للتزاحم نحو الوجاهة والصدارة الاجتماعية ، بما يناى بها عن هذا التنافس وأجوائه ، بينما تراها فئات أخرى فرصة لازدهار "الاقتصاد الانتخابي " بضخ الأموال في قطاعات بعينها ، خلافاً لما كان عليه الحال في خمسينيات القرن الماضي مثلاًً ، وهو ما يدلل على تحولات مقلقة ، في زمن نشوء عشرين جامعة ، وما لايحصى من وسائل الاتصال والإعلام المحلية والخارجية ، والتي بات بعضها في متناول الكثرة الكاثرة من الناس ، إضافة لتطور وسائل المواصلات والتوسع في امتلاك المركبات .
لقد أدت عوامل عدة متضافرة لتخفيض الانشغال بالشأن السياسي لدى الجمهور ، حتى ليكاد المرء يستشعر فراغاً سياسياً لا يملأه أحد ، وهو ما أعاد الناس الى انتماءاتهم الأولى وولاءتهم الأولية المناطقية والعائلية ، دون أن ينجو من ذلك حتى المتعلمون والمثقفون ، وذلك رغم حالة الاستقرار التي يشهدها البلد ، ورغم الطموحات المعلنة بتوطيد التحول الديمقراطي ، وهنا تتجه الانظار الى ضعف وتائر جذب الأجيال الجديدة للانشغال بالشأن العام ، ومنها الانتخابات النيابية التي قلما ينفذ منها أحد من الوجوه الشابة . وفي القناعة أن قانون الصوت الواحد الذي يجري التمسك به وكأنه ذخر وطني واكتشاف سحري غير مسبوق ، قد أدى لتفريغ هذه المناسبة من مضمونها السياسي ، بل أدى لوضع الحواجز بين الناس ، في سعي مجموعات هنا وهناك وحتى داخل المنطقة الواحدة لتصعيد هذا المرشح او ذاك "بأي ثمن" ، بما جعل الانتخابات عندنا تتميز بضآلة عدد الأصوات التي يحملها فائز في منطقة ما ، فيما لا يتيح حجم مضاعف من الأصوات لمرشح آخر فرصة النجاح .وكأن التفاوت والتباين بين منطقة وأخرى هو القاعدة والأصل الذي يستحق رعايته وتكريسه ، وما يفترض أنه مؤقت وظرفي يتحول الى ثابت ودائم ، بدلاً من التقريب بين الناس وشمولهم بفرص متساوية ، ودفعهم للانشغال باهتمامات مشتركة : وطنية وعامة .
mdrimawi@yahoo.com