الأردنيون .. ومهزلة المقرات الانتخابية
فايز الفايز
03-11-2007 02:00 AM
من يجول بقدميه ونظره في مشهد مقرات بعض المرشحين للمجلس النيابي القادم ، يدرك فورا حجم تلك المهزلة التي يمارس فوضويتها طغمة من الوصوليين والجهلة وعباقرة المال والبزنس ، وبعض القلة من الأردنيين المتخلفين ، ليتأكد لنا بعدها ضرورة وقف تلك التراجيديا المضحكة ، والمظاهر التي تشمئز منها نفوس الأسوياء.
من استهتار بالثوابت العقلية والوطنية والأخلاقية ، بل والذوق العام ، والتي يتقيأها بعض المرشحين ومن والاهم ، وركع لجيوبهم ، وانحط لمستوى إحولال الرؤية في سبيل الظهور ، ولا شيء غير عقدة الظهور .
فبعد أن أتخمتنا القراءة في أسماء المرشحين للمجلس هذا العام بالغثاء والغثيان جرّاء بروز كثير من الأسماء التي خدمتها الوفرة المالية بعد أن بعنا أرضنا ، وتاجرنا بمواقفنا ، وصمتنا عن رحيل مقدراتنا الى ملكية الغرباء ، سيلمس مدى الانحطاط والإسفاف والقوقعة ، بل والعودة الى عصر الأسياد والعبيد ، وأسواق النخاسة والجواري والقيان ، حتى أصبح موسم الانتخابات الجاري سوق نخاسة ضميري (مالوقراطي ) حسب مواصفات ولوائح بورصة الانتخابات وما يعادلها من ارتفاع أسعار الأسهم ، وسقوط ذريع لأسهم المروءة الوطنية ، والحس الإنساني ، والموقف المسؤول .
فكيف ، بالله عليكم ، يجرؤ شخص ، لا يعرف في الحياة سوى جمع المال ، وتكنيز العلاقات الربحية ، أن يطرح نفسه مرشحا لمجلس نيابي ، الأصل فيه أن يكون تشريعيا ، يحتاج الى أباطرة السياسة والفكر والقانون والتحليل الاقتصادي ، ثم يحاول ان يخوض الانتخابات بافتتاح مقره الانتخابي بالذبائح التي يتعدى إحصاءها عشرات الرؤوس ، أو أن يتكئ على طلبة المدارس الخاصة ، والمنتفعين من الجمعيات ،ومثله من يعتمد على أصوات المطربين والمذيعين ، وحضور الشخصيات العامة ، والخطباء بالقطعة لاستجداء أصوات البشر ؟!
إننا نبكي بكاء الجنود الأشاوس على مغادرة عدد من الأسماء لموقعة برلمان 2007 ، من أصحاب الفكر الوطني والقومي والحزبي من اليسار الى اليمين مرورا بالوسط ، ومن العشائريين والعروبيين والقوميين بل والأممين ، ومن أصحاب الفكر والقانون ، الذين كنا نعول عليهم النهوض بمجلس الأصل فيه ان تكون مهمته عالية الهمة ، تنهي وضع القوانين المؤقتة ، ويشارك الحكومات بوضع حلول عملية لمشاكل الفقر والبطالة وتسيب المال العام وضياع حقوق المواطنين ، ومتابعة القضايا الطارئة والمزمنة كتسمم المياه والأطعمة وارتفاع أسعار الخبز والمحروقات ، ووضع حد لاستشراء ظواهر الاتجار بالمخدرات والاختلاسات واستغلال الوظيفة العامة .. لماذا تبقى الساحة ميدانا لمهزلة أصحاب الحقائب ودفاتر الشيكات وتجار القضايا الوطنية والقضية الفلسطينية ؟
فبعد ان سلخت جلودنا بعض سياسات الحكومات القاصرة ، يأتي أشخاص البعض منهم " نكرة غير معروف " وليس له أي بصمة وطنية ولا معرفية ، لا يستطيعون قراءة كلمات كتبها لهم ( كتاب برسم البيع ) ليستكملوا عملية تقطيع وبيع وشراء أشلاء المواطنين ، لتصبح الضمائر برسم البيع أيضا ، ويزيدوا المجتمع تعهيرا !؟
لعنة ، ألف لعنة على أبالسة الجاهلية الشعبية ، التي مسحت من ذاكرة أبناء الوطن كل تاريخ مشرف ،ومبدأ وشهامة ومروءة ، حتى أوصلونا الى مفترق طرق يؤدي بنا الى زمن قادم سيأتي لا محالة ، مادام هؤلاء الشرذمة يحركون في الخفاء ، إشارات السماح لظروف اقتصادية وسياسية وقانونية كريمة جدا ، تسمح لنا أن نبيع بموجبها نساءنا وأبناءنا أيضا في زمن المثلية الجنسية لأي شخص يملك المال والأعمال ، وقطيع من الأصدقاء ذوي النفوذ .
فبعد أن تم على مرأى الأعين بيع شرف الضمير ، لتنكحه دنانير ( الديك المرشح ) ، لا نستبعد ان تتناكح الأفكار يوما ، لتولد فكرة خيانة الأوطان ، وبيع أقداس الأمة والشعب لمن يدفع أكثر ، والكل حينها سيصبح برسم البيع !
قبل أن أغادر هذه المساحة ، لي سؤال ، بل هو اقتراح غبي لدولة رئيس الوزراء ، لإصدار قرار يمنع فيه أي مسئول مهما كبُر أو صغُر ، أو من يمثله ، بعدم زيارة أي مقر انتخابي لأي مرشح للانتخابات .. وكذلك يمنع بموجبه أي مرشح من استغلال أي قضية سياسية أو خلافية للترويج له في مسابقة سيلان لعابه للحصول على تذكرة السفر في قطار المجلس القادم .
ونسجل ألمنا الشديد في وقوع العديد من الأسماء التي تحسب نفسها على التيار الوطني والحزبي والعمل التطوعي والإعلامي ، لتفرض نفسها كقيادة شعبية لتعتلي منابر مرشحين لا يستطيعون كتابة صفحة واحدة في قضية وطنية ، ولا حادثة وطنية ، بل قامت باستئجار أطفال ليلوحوا بالأعلام ، وأشخاص ليشكلوا لجنة استقبال ، في الوقت الذي لا يجد هؤلاء المرشحون قائمة بأسماء عشرة أشخاص مخلصين لهم بالتبادلية ، فمن لا يجعل الله بين عينيه ، ومصلحة الوطن على كتفيه ، فليذهب الى الجحيم تزفه فرقة من طبول الشياطين .. وكفى !
Royal430@hotmail.com