facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الأبعاد الاقتصادية للصوت الواحد **حسام عايش


08-07-2012 01:24 PM

لقانون الصوت الواحدانعكاس مباشر على الاوضاع الاقتصادية، لان البيئة السياسية المستقرة هي الموئل لنشاط اقتصادي فعال. فالاردن يواجه تحديات اقتصادية ومالية ضخمة من نتائجها تراجع معدلات النمو الاقتصادي الى حدود 2.5% وزيادة المديونية التي يتوقع بلوغها 17 مليار دينار بنهاية العام الحالي، مع تضخم واضح في المديونية الداخلية تحديدا، ووصول العجز في الموازنة الى ما يزيد عن 2 مليار دينار مع ارتفاع متواصل في النفقات و الاسعار، وتوقع ارتفاع معدلات البطالة والفقر و انخفاض الاحتياطي من العملات الاجنبية الى مستوى 8.7 مليار دولار نتيجة لتراجع حوالات المغتربين وايرادات السياحة والاستثمارات وغيرها، لدرجة ان الايرادات المحلية لا تكفي لسداد الرواتب والنفقات الجارية الاخرى، مما يدفعنا لمزيد من الاقتراض ليس من اجل الانفاق على مشاريع منتجه كما كان يحدث سابقا بل من اجل الوفاء بالالتزامات المترتبة على الهدر في النفقات.

في العام 1989 اقيمت افضل تجربة انتخابية على قاعدة عدد الاصوات وفق عدد المقاعد في الدائرة الواحدة، واستطاع الاردن من خلالها ان يواجه اثار اربعة ازمات كبيرة مرت عليه قبيل تلك الانتخابات وبعدها، هبة نيسان وانخفاض سعر صرف الدينار و حرب الخليج الاولى وعودة المغتربين من الكويت جراء تلك الحرب، لكن الاردن كان مستعدا بلحمته الوطنية وبقيادته التي افرزتها انتخاباته النيابية التي جعلته قادرا على اتخاذ مواقف واجه فيها الولايات المتحدة في حينه، محققا اكبر معدل للنمو في اقتصاده بلغ 11% ، فأين نحن من ذلك كله بعد ان بدا عصر الصوت الواحد اعتبارا من عام 1993؟

حيث يمكن تطوير القانون الحالي بحيث يكون كل مرشحي الدوائر مرشحين على مستوى الوطن فيكون للناخب صوتان واحد يذهب لمرشح الدائرة والثاني لمرشح الوطن الذي يمكن ان يكون ابن الدائرة ايضا من وجهة نظر الناخب وهنا توزع مقاعد نواب الوطن على عدد المحافظات وفق عدد الناخبين في كل محافظة على ان لايقل عددهم عن 60 نائبا ليكون لهم دور وطني يعيد اللحمة للبلاد ويؤسس لتشابك سياسي يزيل العوائق الداخلية لينفتح الناس على بعضهم مما يشكل اكبر حافز لنشاط اقتصادي يكون محوره الوطن والمواطن
وبغير ذلك فان هناك جملة من الابعاد الاقتصادية السلبية لقانون الصوت الواحد بما في ذلك قانون الانتخاب الجديد ومنها:

-افراز طبقة سياسية لا يهمها إلا نفسها، وطبقة من رجال الأعمال أمعنت باستغلال اصحاب المصالح الخاصة من السياسيين، ما ادى لتداول نفس الاشخاص او العقليات التي هي سبب مشكلاتنا الاقتصادية، فكيف نعاود انتاجهم لحل تلك المشكلات كما يريد الصوت الواحد؟

-انعدام الامن الاقتصادي والمعيشي وزيادة حالات وشبهات الفساد بسبب الواقع الداخلي المرتبك والمنقسم على نفسه، وغلّبت المصالح الشخصية والاعتبارات الفئوية التي غذتها بيئة سياسية افرزتها قوانين انتخابية صوتية ساهمت بتعظيم الولاء للمصالح الخاصةعلى الولاء للوطن.

-تجميد معدل دخل الفرد من الناتج المحلي الاجمالي عند مستوى يزيد قليلا عن 4000 دولار سنويا، مقارنة بدخل التركي مثلا الذي كان في العام 1989 مساويا للأردني أي 2000 دولار لكل منهما، ليرتفع في العام 2010 إلى 10000 دولار، والكرواتي الذي كان دخله في العام 89 أيضا 2000 دولار ليرتفع في العام 2010 الى 13000 دولار، لأن في البلدين حياة سياسية نشطة وقوانين انتخاب تاخذ بالنسبية وتكرس معنى وضرورة تداول السلطة باعتبارها تداول للأفكار وللحلول.

- مثّل اعتماد الصوت الواحد سياسيا شكلا من أشكال رفع الدعم عن الأصوات الانتخابية، تماما كرفع الدعم عن السلع والمواد الغذائية للمواطن والذي بدأ مع بداية الصوت الواحد، فالاسعار ارتفعت بأكثر من 100% ، ومستوى المعيشة تراجع بنسب كبيرة، ومعدلات الدخل الحقيقي انخفضت، والضرائب والرسوم زادت وحلت ضريبة المبيعات منذ العام 1994 بنسبة 7% لترتفع لاحقا إلى 16% ، أي بالتزامن مع تخفيض عدد أصوات المواطن تم تخفيض مستوى المعيشه، وبذلك فإن رفع الدعم عن قوت المواطن رافقه رفع الدعم عن صوته ليكون اكثر انخفاضا واقل ضجيجا وادنى فعالية فيما سيتخذ بحقه.

-انخفاض مستوى الدور الانتخابي للمواطن ليصبح بمثابة خمس أو ربع أو ثلث صوت فقط ، فإبن الدائرة الثالثة في عمان مثلا انخفضت قوته الصوتيه وتم تقليص مستوى صوته (على غرار تقليص مستوى معيشته) الى ما يساوي 20% من الصوت، وقس على ذلك في كل الدوائر وهذا أدى الى تراجع حالته السياسية كما المعيشية.

- وهو ما ادى الى تخفيض عدد النواب في المجلس الحالي مثلا، والذين يمكن ان نقول انهم ينتمون بمواقفهم الى المواطنين الى حوالي 25 الى 30 نائبا (اي بين 20% الى 25% من الصوت الواحد)، يمثلون حوالي 225 الف صوت او ما نسبته 8% فقط من اجمالي الناخبين في حينه، وهم وفق التركيبة النيابية لا يستطيعون احداث التغيير المنشود ولذلك فهم اقلية.

-تحول النائب من تمثيل جميع المواطنين الى تمثيل عشيرته او عائلته او جماعته او فئته او أزلامه الذين قدموا خمس اصواتهم له، ليتكرس لدينا عرف سياسي جديد انتقل بموجبه الولاء للوطن الى الولاء للفئة، وهو ما ندفع ثمنه انخفاضا في المشاعر العامه وتراجعا في الانتاجية وتكريسا للزبائنية، والاخطر تركيزا للثروة المترافقة مع تركز مراكز القوى السياسية.

-افراز مجالس نيابية ظل مطعونا بشرعيتها مما ادى الى ضياع مبالغ مالية كبيرة مهدورة انفقت عليها، خاصة وانها جميعها ظلت عرضة للحل او حلت قبل أوانها.


- تشريع قوانين اقتصادية واجتماعية وإقرار اتفاقيات فيها الكثير من الشبهات والعيوب، مما أثر على الوضع المالي والاقتصادي والصورة الذهنية للأردن داخليا وخارجيا، الأمر الذي ضيع الكثير من الفرص الاقتصادية والاسوأ عدم الاطلاع على اتفاقيات أخرى أو المطالبة بذلك في حينه، كاتفاقية الكازينو وغض الطرف عن مشاريع شابها الفساد سواءً سكن كريم، أو خصخصة مؤسسات وشركات مختلفه مما أدى الى خسائر بمئات الملايين من الدنانير.

-القطيعة مع الحياة السياسية مما قلل من حجم المشاركة في الحياة الاقتصادية، لأن الاقتصاد كما السياسة صار مقنّناً وحكرا على مجموعات وفئات معينه معظمهم من نواب الصوت الواحد، حتى أن نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية البالغة 14% تقريبا أصبحت بمثابة كوتا اقتصاديه تماثل الكوتا النيابية لها.

-توطيد مفهوم الأقليات الاقتصادية التي ادت الى ايجاد اقليات سياسية، فاصحاب الاموال وهم قلة هم الذين يترشحون للنيابة ليطغى المال السياسي على المشهد، بحيث أصبح أحد تجليات الصوت الواحد، لذلك سادت روح البزنس الانتخابي، فالمهم البرنامج الاقتصادي الخاص المربح وليس البرنامج الاقتصادي العام، لذلك أتحدى ان يتم اطلاعنا على الذمة المالية لبعض النواب قبل الصوت وبعده.

-وجود مجالس لا أحد يعرف لها توجها فدورها هو منح الثقة. فالمجلس الحالي يمثل ذروة منح الثقات التي طالت أربع حكومات اختلفت أولوياتها الاقتصادية عدا السياسية، فمنحت الثقة لحكومات رفعت الأسعار، ولأخرى ثبتت الأسعار، ولثالثة رفعت الأسعار وتراجعت عنها، ولحكومة رفعت الدعم والأسعار.

-الصوت الواحد لم يؤد إلى وجود حكومات لها نهج اقتصادي متكامل، ولا إلى نواب لهم بوصلة اقتصادية يمكن محاسبتهم على أساسها، لتكون النتيجة موازنة متضخمة بالديون والعجز والهدر.

-ترويج سياسة الهدر المالي والعجز الاقتصادي، فالمهم زيادة المكتسبات من الرواتب والمياومات والسفريات والمصالح والسيارات غير المجمركة والتقاعد، وبالمقابل تمرير موازنات بنفقات غير ضرورية أبدا، ناهيك عن الضغط لإقامة مشاريع مناطقية وتكليف الموازنة المزيد من الأعباء لإعادة انتخابهم ثانية على حساب الخزينة الحكومية التي هي خزينة كل المواطنين.

-ساهم الصوت الواحد بزيادة اعضاء مجلس النواب (وبالتالي مجلس الامة) الى اكثر من ضعفي عدد النواب كما كان عليه الحال في العام 1989 حيث العدد 60 نائبا ،لان الصوت الواحد بطبيعته يسترضي الاشخاص وليس البرامج مما ادى وسيؤدي الى زيادة الاعضاء بين الحين والاخر مع ان الكثرة تعيق الحركة وتقلل الانتاجية وتزيد النفقات.

-فاز الناجحون في الانتخابات الأخيرة بعدد من الاصوات تقل عن تلك التي حصل عليها الخاسرون لتذهب اكثرية اصوات الناخبين هدرا، أي أن الهدر لم يتوقف على النفقات والموازنة وغيرهما بل توسع ليطال الأصوات الانتخابية، لأن العقلية أصبحت واحدة سياسياً واقتصادياً (أي أن الصوت قد انخفضت قوته التمثيلية من 20% إلى حتى أقل من 10% ).

-وبذلك غدت الأقلية(الفائزة بمجموع اقل من الاصوات) هي التي تمثل الأكثرية (التي ذهب اصوات من اختارته هدرا) عكس مفهوم الديمقراطية، أي انها ديكتاتورية الاقلية وليست ديمقراطية الأكثرية، مما أدى الى كثرة الاحتجاجات الشعبية على القوانين التي يصدرها المجلس النيابي، ومثال ذلك قانون المالكين والمستأجرين الذي عدل أربع مرات وما زال تحت التعديل، وقس على ذلك الكثير مما دفع ببعض أصحاب الفعاليات الاقتصادية إما للتوقف عن مزاولة نشاطهم الاقتصادي أو تقليصه أو تسريح العمالة لديهم أو الخروج الى دول أخرى للعمل فيها.

-دأب نواب الصوت الواحد ومعهم حكومات الثقة المضمونة على الترديد بأن جذب المستثمرين الخارجيين لن يكون مجدياً بدون الحوافز الضريبية والجمركية وغيرهما، فكان ان خسرنا ايرادات كثيرة لجذب بعضهم، وفتحنا الباب واسعاً لكل من هب ودب للاستفادة من تلك الحوافز دون مردود حقيقي مستدام على الاقتصاد الوطني، لان الحافز الاهم غير موجود وهو الاستقرار التشريعي والقانوني والاجتماعي، والاستقرار السياسي وهو الأهم لجذب المستثمرين، وليس توجهات وانتماءات الفائزين بالانتخابات النيابية الامر الذي أدى من بين أمور أخرى إلى تراجع التصنيف الائتماني للأردن، مما أفقده الكثير من الفرص الاقتصادية والاستثمارية وزاد من كلفة الاقتراض عليه، أي اننا بالصوت الواحد ساهمنا بعدم الاستقرار الذي أدى الى انخفاض الثقة الدولية، مما فاقم من كلفة المديونية وتراجع الاستثمارات.

-تقليص عدد كبير من المغتربين صلاتهم ببلدهم اقتصاديا، مما كان له الاثر الكبير على عدم اغتنام فرص حقيقية للارتقاء بالاردن من خلال بيئة مستقرة تجذب اليها المغتربين الذين تم استبعادهم عمداً وفق قانون الصوت الواحد من المشاركة السياسية، ما يعني اقصائهم اقتصاديا أيضا.

-عدم افساح المجال لتيارات وافكار أخرى لتنفيذ رؤيتها الاقتصادية للأردن بما فيها حزب جبهة العمل الاسلامي ( آمل تغيير الإسم )، الذي يتبع بشكل عام منهج اقتصاد السوق، وبالتالي فهو ليبرالي في مجال الاقتصاد.

-برهن قانون الصوت الواحد ان حل المشكلات على الطريقة الاردنية يكون بايجاد المزيد منها، لانه يفرق ولا يجمع، وبالتالي فهو افضل وسيلة للتراجع الاقتصادي باشاعته مناخات التناحر والقلق، مما حرم الاردن من جذب استثمارات كبيرة، خاصة وان فرص النمو في اوروبا وامريكا منخفضة مقابل الفرص المتاحة للدول الناشئة ومنها الاردن.

-يحيل قانون الصوت الواحد الجديد نواب الوطن الى اقلية مقابل نواب المناطق، وهذه مفارقة لا اظن ان مجتمعا او دولة في العالم قد اقرها من قبل مما يجعل من الاردن نموذجا في هذا المجال، ما يعني ان الدوائر اقوى بقوتها التمثيلية من الوطن اجمع، فاذا كانت الدائرة اكبر من الوطن فهذا يفسر لماذا كل وحدة اجتماعية او مناطقية تتصرف كما لو انها دولة داخل الدولة دون اكتراث بهيبة الدولة ورموزها، وقد ادى ذلك الى خروج استثمارات واغلاق مصانع وتراجع الايرادات وانخفاض السوق المالي.

-الصوت الواحد يعني انه لا توجد معارضه، رغم اننا في اقتصاد حر قواعده قوى العرض والطلب وهي نفسها قوى الموالاة والمعارضه، فكيف يمكن لاقتصاد حر هذه قواعده ان يعمل في بيئة سياسية مقيدة بصوت واحد ؟ ، لذلك فلا اقتصاد حر استفدنا منه ولا بيئة سياسية نابضة بالحياة اوجدنا لتكون النتيجة اننا نتراجع.

-حتى اليوم لم يتم اقرار قانون حماية المستهلك (المواطن)، لان هذا القانون يوفر الحماية من الاستغلال وبذلك يبدوا ان قانون الصوت الواحد ضد المواطن ومع الاستغلال.

-اعتباره النيابة مشروعا شخصيا مربحا وليس مشروعا وطنيا نضحي من اجله، اي انه جير الوطن لمصلحة النائب ولم يجير النائب لمصلحة الوطن.

-لقد آن الاوان لمغادرة قانون الصوت الواحد لصالح قانون وطني جامع يبحث عن مشاركة الناس لا عن اقصائهم، يشركهم في تقرير مصيرهم ولا يقيم الحواجز امامهم، فمرحلة الصوت الواحد روجت لنا كمرحلة انتقاليه مما ادى الى حكومات انتقاليه ومجالس نيابية انتقالية واقتصاد انتقالي، لتاخذ شكل الحياة لدينا الشكل الانتقالي، فالكل ينتظر والكل متخوف والكل يراهن على امر ما، فيما اوضاعنا الاقتصادية في تدهور، لذلك فحل المشاكل الاقتصادية التي نعاني منها سياسي بامتياز، ولعل قانون الانتخاب هو المدخل الاهم والارضية الصلبة التي يمكن لنا ان نقف عليها جميعا دون ان تهتز بنا، لايجاد بيئة سياسية مستقرة وحقيقية تكون موئلا لنشاط اقتصادي فاعل ومستدام.





  • 1 محمود أبو الرز- بعثة السلام الدولية بدارفور 10-07-2012 | 07:48 PM

    نعم "الولد سر أبيه " كما قالت العرب . شكراً لأخينا المحلل الإقتصادي والسياسي المرموق حسام عايش إبن أستاذنا الكبير حسني عايش- حفظه الله-على هذا التحليل الضافي في الإقتصاد السياسي وتأثره بسلبيات قانون " الصوت الواحد "الناشز والمرفوض شعبياً من قاعدة عريضة من المواطنين، ناهيك عن سائرالقوى والشخصيات السياسية والنقابية والحزبية والحراكية المعارضة على طول حمانا الأردني الغالي وعرضه- فهل من سامعٍ وهل من مستجيب..؟


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :