دخل الشعب الليبي الشقيق هذا اليوم تجربة عظيمة هي الخروج من جراح الديكتاتورية إلى الديمقراطية الصحيحة. ولا يهمنا أكان انتصار الليبيين كاملاً أو منقوصاً بشبح الحلف الأطلسي، فالمهم هو الخلاص من الطاغية بعد أربعين عاماً من الجنون المطبق!!
ملاحظة واحدة عكّرت المشهد الجميل، وهو «إستيلاء» مجموعات تنادي بالفيدرالية على ميناءين لتصدير النفط لمنع إجراء انتخابات تعتقد هذه المجموعات بأنها غير مشروعة، لأنها لا تجري كما تشتهي، أو كما يصوّر لها فهمها للفيدرالية. مع أن هذه المجموعات تعرف أن الولايات المتحدة فيدرالية – اتحادية – وأن ألمانيا فيدرالية، وأن روسيا فيدرالية.. لكنها فيدرالية بانتخابات تمثل الشعب!؟
والسؤال هو: هل يجوز الاعتداء على ميناء تصدير النفط، للفت نظر الشعب الليبي إلى الدعوة الفيدرالية؟!. وسؤال آخر سمعنا مثله هنا في الأردن: هل يصح منع المواطن من الذهاب إلى صندوق الانتخاب بالاعتصامات في الشوارع احتجاجاً على قانون أو نظام انتخابي؟!.
هذه أسئلة لا علاقة لها بالديمقراطية. وفي الولايات المتحدة وصلت المعارضات إلى الحرب الأهلية ولم يكن من الممكن معالجتها إلاّ بالقوة، فالديمقراطية لها أسنانها ومخالبها أيضاً.. ومشاكل الحكم الداخلي أو تغيير القوانين والأنظمة يمكن معالجتها من داخل العملية الديمقراطية ومؤسساتها، وليس من خارجها.
الذين يحتلون موانئ تصدير النفط في ليبيا لا يعرقلون العملية الانتخابية بعد أربعين عاماً من الطغيان، وإنما هم يعيدون ليبيا إلى الطغيان مرّة أخرى!!. فماذا يمكن أن يحدث لو احتج الناس في طرابلس على قانون الانتخاب وقطعوا الماء والكهرباء عن المعتصمين في الموانئ؟!.
إن الديمقراطية في منطقتنا بحاجة إلى اكتشاف يومي، لأننا تربينا على العنف الديكتاتوري، وعلى أنظمة مهيمنة على العقل والخلق. فلنتصوّر ولو للحظة شعارات ابتلعناها باسم النضال القومي: .. لا صوت يعلو على صوت المعركة، وكان ذلك بعد إنتهائها بالهزيمة الحزيرانية. أو من تحزّب خان، لأن حزب الوطن هو الشخص.. هو معمر القذافي!!.
الرأي