ليس جديدا ولا مباغتا ما قاله السيد خالد مشعل , عن تعنّت تيار الحمائم بخصوص مشاركة الجماعة الاخوانية وذراعها السياسي في الانتخابات النيابية المقبلة , فهذا التيار الذي أزيح عن واجهة الجماعة وذراعها السياسي , يعيش إحساسا بالخذلان من جهات رسمية متعددة , كانت سببا في غيابه عن المشهد القيادي في الجماعة والحزب , إثر اختلالات سياسية شهدتها المرحلة السابقة وانعكاساتها على طبائع التعامل مع الظروف الاقليمية للجماعة وتفهّم الظروف الداخلية فيها , وعدم منحها مساحة حركة تتلاءم ومزاج القواعد الداخلية والشارع وعدم تقديم مقابل سياسي مساند لتوجهاتها ورؤيتها .
الموقف في العام 2012 , مشابه تماما لما حدث قبيل انتخابات 2010 , التي اسقط تيار الحمائم فيها قرار المشاركة في الانتخابات البرلمانية , حين صوّت ضدد المشاركة في الانتخابات بسبب القوائم الوهمية , بعد النتيجة السلبية والقاسية التي حققها تيار الحمائم في انتخابات 2007 , تلك الانتخابات المتفق على انها نقطة سوداء كثيفة في صفحة الانتخابات البرلمانية , وهي التي اسست لخروج تيار الحمائم من مقاعد القيادة بعد خذلانها تارة بالتزوير , وتارة بعدم تفّهم التباينات والتقاطعات داخل الجسم الاخواني , وسبق الاشارة اكثر من مرة لهذا الامر , بضرورة الالتفات الى التيار المعتدل والذي شكّل على مدار عمر الحركة مسافة امان وطني , فما حدث في اخر انتخابات شاركت بها الجماعة الاخوانية وحزبها , كان لطمة بكل المقاييس , إن كان من حيث الدلالة الرقمية لعدد الفائزين او من حيث طبيعة الاسماء الخاسرة ومكانتها الحزبية والاجتماعية , فتولد احساس بالخذلان عند هذا التيار المعتدل , والذي اصبح يعاني فُرقتين , الاولى فراق مع قواعد الجماعة وخصوصا جيلها الشاب , الذي بات اقرب الى الصقور ورؤيتهم , والفراق الثاني مع المكونات الرسمية التي ادارت لهم ظهرها .
وضع الشارع الحزبي عموما ومزاج قواعد الجماعة وحزبها , لا يسندان تيار الحمائم لتحقيق نتائج ايجابية في البرلمان المقبل , هذا ان حصلوا على فرصة الترشح ابتداءً , فالقواعد الداخلية وحسب اخر انتخابات داخلية تشير الى بسط تيار الصقور سطوته على المقاعد القيادية , الى الحد الذي دفع بتيار الحمائم الى النأي بنفسه عن قبول اي موقع قيادي في الجماعة والحزب , فكيف الحال اذن في اختيارات القيادة للمرشحين او اختيارات القواعد , التي تتحرك وسط مساحات من الغضب وارتفاع السقوف , وبالتالي لا يريد تيار الحمائم منح الصقور فرصة تعزيز سطوته الداخلية بسطوة برلمانية , وهذه النقطة حصريا تغيب عن العقل الجمعي للدولة , فالازمة داخل اسوار الجماعة والحزب , تلقي بظلال وأثقال على قرار المشاركة , بأكثر مما يلقي القانون ومقاعده الفردية والوطنية وتعداد صوت الناخب الواحد .
المزاج الذي تدور في فلكه الجماعة وحزبها ,اقرب الى تيار الصقور الذي يدعم المشاركة وموقن بمقدرته على تحقيق نتائج ملفتة , تؤهله للاستمرار في قيادة الجماعة والحزب , وتنمحه فرصة البقاء طويلا على المقاعد الوثيرة حزبيا وبرلمانيا , وتؤكد لانصاره والمترددين , بأنه صاحب القدرة على الانجاز السياسي والحزبي وهو الاقدر على انتاج تفاهمات ونجاحات مع الدولة من تيار الحمائم .
ربما سيحسم الصقور امر المشاركة في الانتخابات , فهم مستعجلون لقطف ثمار اللحظة الراهنة , التي قطف ثمارها نظرائهم في الدول الشقيقة , رغم التصريحات النارية بالمقاطعة , وربما يقدمون تنازلات للحمائم تعيد لهم الاعتبار داخليا وشعبيا , لكن الاهم تبقى قدرة الدولة ومكوناتها على ازالة اثار المرارة من حلوق تيار الحمائم وهذا هو الاجدى لمستقبل العلاقة مع تيار, ظل على الدوام محافظ على مسافة الامان الوطني , وحريص على المصالح العليا للدولة , لكنه يشعر بعدم امتنان مقابل مواقفه ودوره .
تصريحات مشعل ليست جديدة , نعم , لكنها تعيد التذكير بضرورة اعادة صياغة الموقف الرسمي , بحيث يصبح اكثر تفهما لظروف المقابل او الشريك واكثر مهارة في قراءة المتحرك الاقليمي الذي نعرف حساسية الداخل الاردني حيال متغيراته .
omarkallab@yahoo.com
الدستور