قانون الانتخاب وسياسات تقليل الضرر
فالح الطويل
04-07-2012 05:01 AM
كثيرا ما نجد أنفسنا، أفرادا ومجتمعات، أمام أعمال مكتملة لا نقبلها، لكننا لا نستطيع تغييرها إلآ بطرق قد تجلب علينا ضررا أفدح من قبولها. لذا سيكون من الحصافة العمل، ريثما نتمكن من تغييرها، على حصر الضرر في حده الأدنى.
لنبدأ باحتساب (قانون الصوت الواحد/2012،) الذي أقره مجلس الأمة، الأسبوع الماضي، عملا مكتملا كهذا، ونجيب على السؤال: ما الذي نستطيع فعله لاستئصال مضار الصوت الواحد كما عرفناها؟
تشير المادة 8-أ- من القانون أن المملكة ستقسم، بموجب نظام، إلى عدد من الدوائر الانتخابية المحلية يخصص لها مائة وثمانية مقاعد نيابية. والنظام يصدره مجلس الوزراء.
لكن لم يرد في القانون ما يفيد بأن المملكة ستقسم جغرافيا إلى 108 دوائر تعيد الدائرة الواحدة منها للبرلمان نائبا واحدا. لذا يحق لنا الافتراض بانه ستكون هناك دوائر محلية كهذه؛ بينما سيخصص لدوائر أخرى اكثر من نائب واحد، كما هو الحال في مراكز المحافظات
أضرب مثلا في قصبة إربد التي أعادت للبرلمان في القانون المؤقت ل2010 خمسة نواب من خمس دوائر ثانوية، فيها، غير محددة جغرافيا، مما خلق ما سمي بالدوائر الوهمية سيئة الصيت.
من الضروري، للخلاص من هذه الدائرة الوهمية، تقسيم المملكة إلى 108 دوائر محددة جغرافيا تحديدا صارما تعيد الدائرة الواحدة منها للبرلمان نائبا واحدا.
ونحن، لو فعلنا ذلك، سيكون لدينا نظام انتخابي حديث ومجرب. سنكون، بهذا، قد استعرنا نظام أنجلترا الانتخابي، وبعضا من التجربة الألمانية في القائمة الوطنية. وهي بداية جيدة يمكن لنا تطويرها وترسيخها بالمشاركة الجادة في الانتخابات، وبالدرجة الأولى من قبل الأحزاب السياسية عبر تقديم مرشحين لها في الدوائر الانتخابية يعتمدون في منافستهم برنامجا وطنيا واحد.
يمكن للدولة هنا شد أزر الأحزاب السياسية ببعض إجراءات إضافية مثل أن يتوصل الحزب لصيغة متفق عليها تحرم على المرشح الحزبي الفائز، الانسحاب من حزبه الذي ترشح على بطاقته، تحت طائلة إسقاط عضويته في البرلمان، لو فعل، وتسمية بديله في القائمة، المعروف للناخب في الدائرة الواحدة. بعض الديمقراطيات تسمي بيع النائب لالتزاماته نحو حزبه «بتجارة الخيول،» وتحرمها.
ذلك سيقنع الناخب الأردني بجدية العملية ويدفعه لاختيار المرشحين الحزبيين. لقد مل المواطنون الانغلاق على مرشحين لا يملك الكثيرون منهم من أهلية سوى قرابة الدم، لاهم لهم، في نهاية التحليل، سوى خدمة مصالحهم الشخصية الضيقة.
نظام الصوت الواحد الذي يقبل به غالب الناس عندنا، كما يبدو، قد لا يكون سيئا تماما. نأمل أن تتمكن الهيئة المستقلة التي ستدير الانتخابات وتشرف عليها من سد كثير من الفجوات فيه بحيث يتحول إلى مشروع إصلاحي كما نتمنى.
ليس أمامنا سواه، على أي حال، مهما كانت التعديلات التي قد تطرأ عليه. فهو العتبة الوحيدة المفتوحة لنا نحو البرلمان السابع عشر التي لا بد لنا، جميعا، أفرادا ومؤسسات مجتمع مدني وأحزابا سياسية، من عبورها بروح جديدة، تتناسب وخطورة التحديات المفروضة علينا.
الرأي