تعج ساحات وشوارع وأسواق وأزقة المدن والقرى الاردنية بمئات من اللافتات التي تحاول جذب انتباه المواطن الاردني الى ما احتوت عليه من شعارات قد يجد هذا المواطن نفسه متفقاً مع العديد منها في جانب، وفي جانب آخر يثير البعض من هذه الشعارات الشفقة حينا والاستفزاز والاشمئزاز حينا آخر نظراً لسطحية بعض هذه الشعارات وضحالتها وافلاطونية البعض الاخر وطموحه الذي ليس من السهل الوصول اليها لامكانات الاردن المتواضعة، وطبيعة الموقع الإقليمي والدولي.صحيح بأن من حق المرشح ان يعد الناخبين بما يشاء من جنات عدن، وجنات الاردن، بالاضافة الى رفاه العيش، وتحقيق المستحيل.
ولكن ليس من حق هذا المرشح، او ذاك، الاستخفاف بعقل المواطن، ومدى إدراكه واستيعابه لما يمكن ان يتحقق من هذه الشعارات المستحيلة التحقيق. وهو، أي المرشح، يعلم علم اليقين، بان الشعب الأردني من اكثر الشعوب العربية تعليما وثقافة ووعيا وادراكا لما يدور حوله من احداث، سواء ما يتعلق منها بالتفاعلات السياسية او الاقتصادية او الثقافية او الاجتماعية. فحينما يطرح المرشح شعار الحد من الفقر والبطالة فكيف له ان يقوم بذلك ودوره لا يتجاوز واحداً من اصل مائة وعشرة نواب ؟؟، والدولة الاردنية نفسها جادة، ليل نهار، وبصمت، في سبيل تخفيف أعباء الفقر والمديونية والحد من انتشار آفة العوز. و يأتي مرشح آخر بشعار محاربة الفساد والمحسوبية والحد من هدر المال العام، وهو اول من يمارس ذلك من الاعطيات خارج رقابة مكافحة الفساد و ديوان المحاسبة، و سيارته الفارهة غير المشروعة قانونياً، وسفراته في شتى بقاع المعمورة لحضور المؤتمرات دون ان يحضر جلساتها او يعي ما يدور حوله لاسباب عديدة وعلى رأسها عدم معرفته بلغة التواصل مع الاخر، وكل ذلك من اجل تحقيق المزيد من المصالح الخاصة على حساب مصالح الشعب الاردني، الامر الذي يساهم في تجذير الفساد وسيادة لغة الفردية والذاتية.
اما فيما يتعلق بعمومية بعض الشعارات، والتي لا تثير الكثير من الاهتمام لدى المواطن، فانها تنم عن ضعف في مواجهة الحقائق والهروب الى الامام، وعدم تسمية الاشياء بمسمياتها، بالاضافة الى بعد المرشح وعدم مقدرته عن تحديد المفاصل الحيوية التي تمس حياة المواطن، وعجزه عن التعامل معها ومحاولة المساهمة في حلها.
اعتقد بأن المواطن الاردني قادر على التمييز بين الغث والسمين فيما يتعلق باختياره للمرشح المناسب الذي يمكن ان يتعامل بصدقية مع مصالح الوطن.