قانون الانتخاب ليس هو الديمقراطية
ابراهيم غرايبه
02-07-2012 04:18 AM
بالتأكيد، فإن القانون العادل يساعد في تحقيق الديمقراطية. ولكن ربط الديمقراطية بقانون الانتخاب يشبه ربط سقوط الأمطار بدقة النشرة الجوية. فحتى لو توافقنا على أفضل قانون، وطبق هذا القانون بعدالة، فلا يعني ذلك بالضرورة أننا حصلنا على نظام ديمقراطي. وعندما نحقق الديمقراطية أيضا، فلا يعني ذلك بالضرورة الإصلاح والتقدم. والإصلاح السياسي في بعده التطبيقي الانتخابي، لا يعني بالضرورة انتهاء الأزمة الاقتصادية المستحكمة؛ لن تخفض الديمقراطية أسعار النفط والكهرباء، ولن تصلح زجاج النوافذ ولا الأبواب المخلعة في المدارس، ولن تطور المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية، ولن تمنحنا رعاية اجتماعية كافية.
بالطبع، ليس ثمة ديمقراطية من غير انتخاب، ولكنها لشديد الأسف ليست علاقة حتمية وليست مؤكدة دائما. فالديمقراطية في الأساس حالة اجتماعية ثقافية لا تنشئها القوانين والتشريعات، وتنشئ عقدا اجتماعيا ينظم العلاقات السياسية والاجتماعية والتنافسية، إنها ببساطة تنظيم لحالتين تبدوان مرفوضتين وغير عادلتين: تنظيم عادل لـ"اللامساواة"، وإدارة عادلة لعدم اليقين. فليس مساواة أن يكون أحد من الناس حاكما عليهم، ولكن بما أن الناس يحتاجون إلى حاكم يعني أنهم بحاجة إلى عدم المساواة. ولذلك، فإنهم اصطلحوا بعد تاريخ طويل وصراع مرير على تنظيم "يبدو عادلا" لأجل اللامساواة الضرورية، بأن يختاروا بعدالة ممثلين عنهم يعبرون عن المساواة والولاية الكاملة للناس. ولأنهم لا يعرفون من هو الأفضل ولا ما هو الأفضل، فقد تصالحوا على الانتخاب والتصويت، ليس لأن نتيجة التصويت والانتخاب هي الأفضل، ولكن لأنها أفضل طريقة أو الأقل سوءا للاختيار واتخاذ قرار يهم الناس جميعا.
وبغير هذا الجهل/ عدم اليقين لن نحصل على العدالة، فهو شرط أساسي. وتكون العدالة والديمقراطية بمقدار إقرارنا بجهلنا/ عدم يقيننا بالصواب أو ما هو أفضل. ولذلك، فإنه لا عدالة أبدا ولا ديمقراطية مع اليقين أو العلم (التأكد أو مظنة المعرفة). وهؤلاء الذين يملكون يقينا ما، يعتقدون أن الله وصّاهم به، أو هم يملكونه لأي سبب من الأسباب ثم يتقدمون بيقينهم هذا للتصويت عليه، يفسدون الديمقراطية ويفسدون يقينهم أيضا، لأنها (الديمقراطية) تعني بالضرورة وحتما أنه لا يوجد صواب ولا يقين، وأننا في لحظة معينة رجحنا أحد الخيارات، ولكن ستبقى جميع الخيارات والأفكار الأخرى (جميعها بلا استثناء) مطروحة ومحتملة الاختيار في المستقبل؛ في انتخابات قادمة، فيجب أن تبقى تملك فرصة في الحضور والتعبير عنها ولو كان يؤيدها شخص واحد فقط.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
الغد