شهدت العلاقة بين عمان ودمشق تراشقاً اعلامياً خلال عام ونصف،وكثيراً ما حملت وسائل الاعلام في البلدين اشارات مبطنة وواضحة تحمل نقداً متبادلا.
في الاعلام السوري،يرتفع التصعيد الاعلامي ضد الاردن. الذي يحلل الاعلام الاردني،يجد ان الاعلام الخاص يحوي نقداً لنظام الاسد،فيما الاعلام الرسمي حذر جداً من هكذا ممارسة،حتى لايتم اتهامه بأنه يتلقى تعليمات بالاساءة الى دمشق.
النظام السوري محشور في الزاوية،وقد بدأ يميل الى اسلوب اتهام كل دول الجوار بالتآمر عليه،وفي الاعلام السوري الرسمي تبن ٍ لروايات غير دقيقة عن حشود سعودية عبر الاردن،وعن استعداد تركي ودولي لضرب نظام الاسد.
قناة «دنيا»السورية اوردت رواية لايمكن تصديقها،اذ قالت ان الاردن يماطل في تسليم طائرة «الميغ 21»الى دمشق،لانه يريد منح الخبراء الاسرائيليين الوقت الكافي للاطلاع على تكنولوجيا الطائرة المُطورة والتي تم تحديثها على يد الروس والكوريين. في اتهام القناة تجاوزعلى العقل اساساً،لان الطائرة مهما تم تطويرها فهي تبقى قديمة جداً،وُتعد من الطائرات التي خرجت من الخدمة في دول كثيرة،وقصة تطويرها تحوي مبالغة،لانها مهما حظيت بتطوير فلن تتحول الى طائرة شبح او مركبة فضائية.
تكتيك الاعلام السوري يقوم على اساس استثارة العواطف لدى السوريين،من حيث افهامهم ان هناك مؤامرة تشارك بها كل الدول،فالسعودية تحشد،والاردن يختطف الطائرة والاسرائيليون ينسخون برمجياتها،وتركيا تدرب الجيش الحر،والحريري يمول،الى آخر هذه القصص.
كل ذلك لا يلغي بشاعة المشهد الاساسية،اي ان الشعب السوري يتعرض الى مذبحة كبرى،والذي عليه مؤامرة حقاً،ويراد اسقاطه كان عليه واجب التصالح مع شعبه،لا فتح البلد لحرب اهلية،ولقتل الاطفال والنساء،وانتهاك الحرمات،وتحطيم حاضنة عربية كبرى. عمليا فأن دمشق تتهم الاردن باختطاف الطائرة المعجزة،وتقديمها كصيد تكنولوجي الى اسرائيل،وغيرها من الدول،والمؤسف ان من يختطف وطناً وشعباً ويذبحهما من الوريد الى الوريد،لايحق له الحديث عن اختطاف طائرة،واخراجها من خدمة ذبح السوريين.
لعب الاعلام السوري كثيراعلى قصة الاسرائيليين،وقد سربوا قبل فترة ان ضباط موساد يأتون الى اللاجئين السوريين في الاردن بأعتبارهم يعملون في مؤسسات خيرية،ويحاولون الاتصال باللاجئين وجمع المعلومات.
كل هذا الكلام غير دقيق،لان النظام السوري يريد اثارة مخاوف السوريين من «لعب اليهود»على اوجاعهم، فلا يجد الا الاردن ليزج به باعتباره ُمسّهلا للخدمات، وُمقدّماً لها،وهكذا نكتشف ان دفاع النظام السوري عن نفسه،يصل حد اهانة الجيران وتخوينهم.
توظيف عقدة اسرائيل،وعلى حساب الاردن لعبة سياسية لايصدقها احد،خصوصا،ان لااحد خدم اسرائيل مثل نظام الاسد،وآخر خدماته تحطيم الشعب السوري وتدميره،بحرب داخلية،اختصر فيها على اسرائيل شر القتال.
معظم الانظمة العربية استباحت شعوبها ستين عاما تحت عنوان محاربة اسرائيل،لكننا اكتشفنا بوعي متأخر ان اغلبها لم يكن الا خادماً لاسرائيل،بأشكال مختلفة،تبدأ من افقار الشعوب وقهرها،وتصل حد التجهيل والتنكيل والقمع والذبح.
كذبة قناة «دنيا»تريد ان تقول لبقية الطيارين السوريين،انكم اذاهربتم فأنتم ستعملون عند اسرائيل في نهاية المطاف!.
الدستور