مهزلة تدمير الاستثمار في العقبة
يوسف ابو الشيح الزعبي
01-07-2012 06:23 PM
عمون - في العقبة وبعد صلاة الجمعة وبدلاً أن نستثمر الأجواء في يوم العطلة لتشجيع السياحة في المدينة ليؤمها السياح من مختلف مناطق العالم لتعكس مردودها السياحي والاستثماري على مختلف القطاعات الاقتصادية في محافظات الجنوب وأبناء الوطن، نظم حراك أطلق على نفسه "حراك العقبة " اعتصاما وسط المدينة هاجم فيه الاستثمارات العربية.
القضية التي نطرحها هنا ليس بتنظيم اعتصام او مسيرة او نشاط كفله القانون، وإن كانت أغلب هذه النشاطات من هذا القبيل تنظم دون مراعات الأطر القانونية والدستورية، فالقضية تكمن بدخول فئة مندسة على حراك العقبة لها اجندات خاصة منها داخلية ومنها خارجية وتعلن خلال الاعتصام عن بيان معد مسبقاً من قبلها وقد هاجمت فيه كافة الاستثمارات العربية الناجحة في العقبة، والأسوء في البيان - الذي روجت لنشره بعض المواقع الاخبارية لأسباب لا داعي لذكرها وباتت معروفة لدى الجميع- هو تزوير الحقائق والتلفيق لغايات مبيته أساسها التأثير على العامة من أبناء العقبة والاردن الطيبون الذين يتلقون المعلومات والأخبار بكل بساطة وحسن نية، البيان الذي طرحته هذه الفئة المندسة داخل حراك العقبة فيه قدر كبير من تزوير الحقائق والإساءة للأشقاء المقصود وغير المقبول والهدف لديهم هو الإساءة لعلاقات الاردن مع دول الخليج العربي، ومن جملة ما راعى انتباهي الشعار الذي طرحته هذه الفئة المندسة على حراك العقبة الإصلاحي بـ "جمعة استرداد الميناء" ووصف استثمار الاشقاء الإماراتيين بـ"المستعمرين الجدد"، وإنزال العلم الإماراتي ورفع العلم الأردني، وشراء شركة المعبر الإماراتية 3200 دونم بمبلغ 500 مليون دولار، وقد اوهمت هذه الفئة بأن هذا المبلغ لأراضي صالحة ومباشرة على شاطئ البحر، وفي الحقيقة أن الميناء جرى نقله الى مكان آخر أنسب من حيث بعده عن المباني السكنية والمرافق السياحية، والهدف أيضاً تجهيز ميناء اكبر وضخم يستوعب الحركة التجارية والسياحية والاستثمارية المنتظرة عند اكتمال تجهيز المشاريع الاستثمارية المهمة في العقبة، كما أن الميناء خاضع للسيادة الأردنية ولم ولن يرفع عليه سوى العلم الأردني، فكيف لهؤلاء الفئة المندسة أن تنقل مثل هذه المعلومات المغلوطة وبهذه البساطة بهدف التأثير واللعب بمشاعر وانتماء المواطنين والاستخفاف بعقولهم من خلال استخدام مصطلح السيادة ورفع وانزال العلم الاردني وما الى ذلك، ثم من شاهد ارض المشروع على أرض الواقع ومراحل انجازه التي قدمتها شركة المعبر العام الماضي في مؤتمر صحفي عقد في العقبة وكان المؤتمر صريحاً وشفافاً ومفتوح للجميع لطرح اي استفسار او سؤال، يتضح أن اكثر من ثلثي أراضي المشروع التي تم شرائها من الحكومة الاردنية اراضي غير صالحة وبعيدة عن الشاطئ وبحاجة الى تكسير الجبال المحاصرة للعقبة وبالتالي فتح آفاق واراضي جديدة للمدينة بشكل أرحب ، وطبعاً كلنا نعلم الصعوبة البالغة والتكلفة الباهظة لعملية تكسير جبال العقبة الصخرية شاهقة الارتفاع، فمشروع المعبر في العقبة "مرسى زايد "، الذي يتجاوز الاستثمار فيه الـ عشرة مليارات دولار سيجعل مدينة العقبة من ابرز المدن على شاطئ البحر الاحمر من خلال انشاء مدينة عصرية حديثة بمنتجعات ومباني وحدائق وفنادق ومرافق نموذجية ومرافق اخرى تناسب الطبقى الوسطى والفقيرة فضلاً عن توفيرها عشرات الآلاف من الوظائف للأردنيين، وكل ذلك سيجري على أراضينا باستثمارات من قبل الاشقاء، وفوق ذلك كله سيعملون من خلال إداراتهم وخبراتهم الناجحة بتوفير سياحة اجنبية وسياحة خليجية على وجه الخصوص تقدر بمئات الالوف من السياح، هذا النوع من السياحة الذي ينقص مدينة العقبة في الوقت الراهن.
نتساءل مرى اخرى؟ ما الضير من أن يأتي الاشقاء العرب الى الاردن ويستثمرون عندنا ويدخلون العملة الصعبة ويبنون وينجزون ويدخلون افواج السياح ويشغلّون ابنائنا في أراضي ومرافق طالما ظلت معطلة وتحت مرأى أعيننا ! فكم آلمني عندما ذهبت قبل نحو ثلاثة اشهر الى العقبة الى شاطئ المدينة انا وعائلتي وقد شاهدت عدم الاهتمام والإهمال بعينه من خلال عشرات الدونمات التي تقع على الواجهة البحرية تماماً على الشاطئ مزروعة بالجرجير والكزبرة والفجل والبقدونس، وعندما سألت احد المقيمين هناك ما هذا؟ قا لي انها تابعة لمستثمر كبير، عفواً "متضمن مزارع مصري"!! هل هذا ما نرسمه ونتأمله ونريده لمدينة العقبة متنفسنا الوحيد على البحر؟ وهل هذا ما تريده الفئة المندسة في حراك العقبة؟ أهكذا نعامل من يمد يده لنا ويرغب بدعم الاستثمار والتمويل في الاردن ؟! انهم اشقائنا يعملون بإخلاص حقيقي لدعم استقرار وامن وازدهار الاردن وقد قدمت دول الخليج العربي للأردن الشهر الماضي خمسة مليارات دولار كمنحة تقدم كل عام مليار دولار للمشاريع التنموية الأساسية التي تلبي احتياجات المواطنين، فهل يستحق اشقاؤنا بعد كل هذا ان نقول عنهم" مستعمرين جدد" !! أم نقول عنهم " ونعم الاشقاء" الذين يقفون لجانبنا في السراء والضراء.
نؤكد مرة أخرى بأن هناك استثمارات ناجحة لنا ولأجيالنا يجب ان نحافظ عليها وندعمها لا ان نقف في وجهها وندمرها ونساعد على هروبها، فـوالله لو كان مشروع المعبر في العقبة "مرسى مزايد" فيه ادنى شكوك او فساد لا سمح الله لكان صوتي أول الاصوات التي تهاجمه وتعمل على إيقافه، لكن هذا المشروع بالذات الذي يستطيع كلا من الإطلاع على كافة مراحله وتوجهات القائمين عليه، بسبب ما يتحلون به من صدقية وشفافية، مشروع مهم واستراتيجي بالنسبة لمستقبل العقبة والتنمية والسياحة في الاردن، وانعاش السياحة في المثلث الذهبي القريب البتراء ووادي رم والعقبة من خلال استقطاب مئات الالوف من السياح العرب والاجانب، الامر الذي اقلق من حولنا سيما اسرائيل التي تدرك تماماً أهمية وجدوى مثل هذه المشاريع الاستثمارية والاستراتيجية على الاقتصادي الاردني وبشكل سلبي على السياحة لديهم وعلى كافة خططهم وسياساتهم تجاه المنطقة.
فندائنا الأخير لحراك العقبة وحراكها الاصلاحي المنتمي وكافة أبناء الجنوب الشرفاء بأن يضعوا حداً لهذه الفئة المندسة لأنها مبرمجة للإساءة لعلاقة الأردن مع الاشقاء العرب وتدمير الاستثمار في العقبة الحبيبة.