كيف تُقيّم الاشياء، حين يُهدر تراث شعب، هو آخر ما تبقى لهم؟! كيف تحسب الصفقات الصغيرة، في سياق الكلام السياسي المهدور، عن صفقات الاوطان الكبرى؟! بل بأية عين ترى الصفقة: بعين التاجر ام السائح ام السياسي ام المواطن..؟!.

كاتب عربي من الناصرة. يروي تفاصيل صفقة حدثت بينه وبين يهودي مقدسي هو بوكي بوعاز اما الناصري فهو احمد مروات.الصفقة تمت بطلب وسعي من اليهودي. قدّم فيها هو ستماية صورة فوتغرافية للمصورة الناصرية الأقدم كريمة عبود. وبالمقابل، حصل هو، من العربي الناصري احمد، على كتاب توراة قديم يعود تاريخه الى عام 1842م.

اليهودي بوعاز هو تاجر مقتنيات قديمة. وقد حصل على صور كريمة عبود، التي يعود اقدمها للعام 1911، من والده، الذي استولى عليها بدوره من بيت كريمة، في حي القطمون في القدس، حيث عاشت فيه خمس سنوات.

معروف ان التصوير الفوتغرافي وصل الى فلسطين ودمشق في اواخر القرن التاسع عشر. واقتصرت المهنة، حتى وقت طويل، على الرجال، لاعتبارات الحشمة وعدم السفور، اسلامياً ومسيحياً. وبالتالي اقتصرت معظم الصور القديمة، ايضاً، على الرجال. وحدها كريمة، ابنة الكاهن الناصري اسعد عبود، اقتنت آلة تصوير فوتغرافي، في تلك الفترة. وبحكم مهنة والدها، تنقلت بين مدن البلاد الشامية: بيروت، دمشق، السلط، القدس، بيت لحم. فصورت الطبيعة والمدن والكنائس والمساجد والناس. ولأنها انثى، فقد اخترقت حشمة البيوت، فصورت النساء والعائلات وما داخل البيوت. وهو ما يحيل صورها الى تراث عربي نادر. وفي بيت لحم اقامت لاحقاً مشغل تلوين لصبغ الصور الفوتغرافية بالأحمر والاخضر والازرق. لم تتزوج كريمة عبود، وكانت هي واختها مثيل اولى معلمات الناصرة العربية. الى ان توفيت اواخر الستينات ودفنت في بيت لحم.

كريمة، ابنة الكاهن الناصري، تركت ارثاً بصرياً عربياً لمدن فلسطين وما حولها، يزيد على الف صورة، استولى اليهودي الأب بوعاز على اكثر من نصفها، عنوة من بيتها في القدس. ثم جاء ابنه بعد عقود، لعقد صفقة بها مع ناصري آخر، مقابل نسخة اقدم من التوراة لا للاحتفاظ بها، بل لبيعها بثمن اغلى. فهو الاقدر على التخمين والتثمين، ولكن، اوَليست توراة الناصري هي ايضاً عربية. اوَ لم تكن موجودة ومطبوعة في فلسطين قبل تأسيس المشروع الصهيوني بخمسة عقود على الاقل. مَن يملك مَن؟ ومن يقايض مَن؟ واية صفقة تُعقد. وكيف امتلك اطرافها شرعية مواقعهم؟!.

ترى هل لذك علاقة بمؤتمر خريف فلسطين القادم؟ لا اظن. اذ ما علاقة صورة ابنة الكاهن العربي وتوراة الناصري بخريف فلسطين في انا بولس الطلياني في ميريلاند الاميركية، ولاية الكامب الشهير؟! إما ان قام احد بالربط بين الحدثين عنوة، فالربط مقصود بذاته ولذاته..(!!).

لصور كريمة عبود، التي ما تزال ضائعة بين المدن، النسيان. فالنسيان المُضاع ارحم للذاكرة والنفس، من ان يمحو احد العاثرين على بقايا تلك الصور بصمة صاحبها: كريمة عبود - مصورة شمسية.

FAFIEH@YAHOO.COM