القضاة يكتب: قانون الانتخاب ودستورية عدم تصديقه
28-06-2012 05:56 PM
عمون - كتب: فياض القضاة - باستثناء ما ورد في القائمة الوطنية، فإن المطلّع على مشروع قانون الانتخاب الجديد لن يرى إلا الوجه الآخر لقانون الصوت الواحد الذي تأخذ عليه معظم الجهات المطالبة بالإصلاح انه عجز عن انتاج مجلس نواب فاعل وقوي ، وقادر على صد تغول السلطة التنفيذية ومراقبة عملها على درجة عالية. يضاف الى ذلك بأن هذا القانون قد كرر ما كان يرد في القوانين السابقة من تقسيم الأردنيين الى طوائف وأعراق وكوتات كان الأجدى ان تصبح في كتب التاريخ بالنظر الى ان من الواجب صهر المجتمع الاردني في مجتمع مدني تكون فيه المواطنة وليس العرق أوالدين او المنطقة هي الاساس وحتى لا يتم تذكيرنا في كل دورة انتخابات باختلاف اصولنا واعراقنا ، وبأن الوحدة الوطنية التي تتغنى بها وسائل الإعلام لم تتعدى الحبر الذي كتبت به .
إذا كان لهذا القانون ان يجد قبولاً في الحد الأدنى ، فإنه لا بد وأن يعكس أحد خيارين ؛ الأول ان يتم منح صوتين لكل ناخب في الدوائر المحلية بحيث يقوم المواطن الذي يعتقد بأنه لن يحصل على حقوقه الدستورية والقانونية الا من خلال وسيط قريب بالتصويت الى هذا القريب ، ويستخدم الصوت الثاني لانتخاب من يعتقد بأنه قادر على خدمة الوطن والذي ليس بالضرورة ان لا يكون قريباً ايضاً ولكن معايير اختياره تختلف عن الأول . ويبقى هذا الخيار الى ان نصل الى مرحلة صهر المجتمع بكافة اطيافه في مجتمع مدني تكون فيه المواطنة هي الاساس في التعامل والتي تعني تطبيق المبدأ الدستوري بأن الأردنيين متساوون جميعاً امام القانون لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق او اللغة او الدين . والخيار الثاني هو المساواة بين القوائم المحلية والوطنية بحيث توزع مقاعد مجلس النواب بين الدوائر المحلية في المحافظات وبين القوائم ( وليس القائمة) الوطنية او على الأقل منح ثلثي الأصوات للدوائر المحلية والثلث الآخر للقوائم الوطنية والتي يمكن ان يشترط فيها ان تكون كل منها ممثلة لجميع المحافظات بحيث تحتوي كل قائمة وطنية على مرشح عن كل محافظة (12 مرشحاً ) بالإضافة الى ثلاثة مرشحين عن مناطق البادية اي انها تصبح (12 +3 ) . ويتم اختيار الناجحين على أساس نسبي من كل قائمة وفقاً لتسلسل عدد اصواتهم في القائمة ووفقاً للعدد الذي تحصل فيه القائمة مقارنة مع مجموع الأصوات التي حصلت عليها مقسوماً على مجموع اصوات جميع القوائم المترشحة للإنتخابات .
في ضوء هذا الإقتراح أو أي اقتراحات أخرى وبالنظر الى المرحلة التي وصل اليها مشروع قانون الإنتخاب، فإن مشروع القانون المقر من مجلسي الأعيان والنواب لا يـعد قانوناً إلا بعد التصديق عليه من جلالة الملك سنداً للمادة (93) من الدستور ومرور ثلاثين يوماً على نشره في الجريدة الرسمية الا إذا ورد نص خاص في القانون على ان يسري مفعوله من تاريخ آخر . وقد أجازت الفقرة الثالثة من نفس المادة لجلالة الملك اذا لم يتم التصديق على القانون ان يـرد مشروع القانون الى الأمة مسوغاً ببيان اسباب عدم التصديق خلال ستة اشـهر من تاريخ وروده الى الديوان تحت طائلة اعتباره نافذاً وبحكم المصدق . وإذا تم رد مشروع القانون خلال مدة الستة أشهر من قبل جلالة الملك فعلى مجلس الأمة ان ينظر في هذا القانون مرة أخرى في ضوء اسباب عدم التصديق الواردة من جلالة الملك ولا يستطيع مجلس الامة مخالفة قرار جلالة الملك إلا بموافقة ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل من المجلسين وفي هذه الحالة أي حالة عدم الأخذ بأسباب الرد وبالنسبة المشار اليها من كل من مجلس فيعتبر في هذه الحالة صادراً حكماً وعلى ان ينشر في الجريدة الرسمية . أما إذا اقتنع مجلس النواب ومجلس الأعيان باسباب الرد ووافق عليها فيتم السير في مشروع القانون والتصويت عليه بالنسبة المقررة دستورياً ويتم مرة ثانية ارساله الى جلالة الملك للتصديق عليه ونشره في الجريدة الرسمية . واذا لم يوافق مجلس النواب ومجلس الأعيان على مبررات الرد ولكنهم لم يحصلوا على نسبة الثلثين المطلوبة لعدم الموافقة على مبررات رد القانون من قبل جلالة الملك فإن هذا القانون لا يعتمد . وهذه هي المخاطرة الكبرى في ضوء الحاجة الماسة الى اصدار قانون انتخاب لاجراء الانتخابات البرلمانية خاصة وإن مجلس الأمة لا يجوز له إعادة النظر في القانون الذي تم رده من جلالة الملك ولم يحصل على نسبة الثلثين خلال ثلث الدورة الذي نظر فيها . وهذا يعتبر تأخير القانون الى دورة أخرى .
إن إقرار مشروع القانون بالصيغة المرسل الى التصديق سيكون بالتأكيد على عدة خطوات وليس خطوة واحدة الى الوراء في جهود الإصلاح السياسي ، وان عواقب مثل هذا الإقرار على مستقبل الأردن ستتعدى ما هون منظور من أصحاب المصالح الضيقة في إقراره . ومن هذا المنطلق جاءت الارادة الملكية بعدم التصديق على مشروع القانون وإعادته الى المجلس للنظر فيه في دوره إستثنائية لتحقيق تطلعات المواطنين الأردنيين.