التكامل الاردني و"التعاون الخليجي" .. مسألة ذات اولوية ملحة * الدكتور ماجد محمد عبد الرحمن خليفه
mohammad
27-06-2012 06:25 PM
لقد دوت فكرة انضمام الاردن الى مجلس التعاون الخليجي ولاقت اهتماما بالغا لدى القيادة الاردنية والشعب الاردني مثلما لاقت ترحيبا ملفتا في دول الخليج العربي ، تلك الفكرة التي كانت من نتاج فكر خادم الحرمين الشريفين الذي عودنا دائما على المبادرات البناءة التي تخدم مصالح الامة العربية ولاقت ترحيبا عظيما من الاردن.
لم تاتي هذه الفكرة التي تبناها خادم الحرمين الشريفين من فراغ ، ذلك انه من حكماء السياسة المعاصرة في العالم العربي وينظر الى مستقبل العرب في وحدتهم وتضامنهم حتى انه نادى مؤخرا بصيغة اقوى من التعاون بقيام الاتحاد الكامل رغم وجود تيارات سياسية ودينية متناقضة ومتناحرة على امتداد المنطقة العربية ، ولقد تعود الاردن والعرب جميعا على مبادرات خادم الحرمين الشريفين البناءة وعلى دعمه المتواصل ماديا ومعنويا للشعوب العربية ولم يتخلى يوما عن تقديم الدعم والعون لاي دولة عربية شقيقة تحتاج دعم وعون خادم الحرمين ، فما زال مؤتمر الطائف الذي حل مشاكل لبنان في الاذهان وكذلك دعم خادم الحرمين لليمن ومصر والمغرب العربي، وكذلك انتشار القوات المسلحة السعودية على اراضي الاردن اثناء عدوان اسرائيل عام 1967 ، ودعم الاردن عسكريا لدول الخليج بالمقابل في اكثر من مناسبة.
ولكن المتتبع لاخبار الوطن العربي وخصوصا العلاقات الحميمية التي ربطت الهاشميين عبر التاريخ مع اخوتهم من ال سعود الكرام وبالتالي استثمار هذه العلاقة الحميمة على ارض مكة والحجاز والاردن، وخصوصا في هذه الاوقات العصيبة التي تمر بها الامة العربية من احداث عاصفة ومن مظاهر الربيع العربي ليتساءل قائلا ، لماذا جاءت فكرة انضمام الاردن الى مجلس التعاون الخليجي ودارت محادثات ومفاوضات ولكنها خبت وفترت على عكس ما يطمح له جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين وجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ، لماذا خبت وفترت الفكرة وكلا الطرفين كانا متحمسين لها و الاهم من ذلك ان هناك مصالح عليا للاردن في الانضمام ومصاح عليا لدول الخليج والمملكة العربية السعودية في انضمام الاردن ، فتكامل هذه الاطراف امرا ملحا وضروريا للغاية وخصوصا ان الاردن سبق وان دخل في تجربة مجلس التعاون العربي بين مصر واليمن والاردن والعراق ولكن ظروف حروب الخليج والانقسام العربي طغى على هذه الفكرة وغيبها عن خارطة التضامن العربي.
لقد حصل لفكرة انضمام الاردن الى مجلس التعاون الخليجي فترات تشبه مد وجزر البحر فاحيانا نتقدم واحيانا نتراجع ، تماما وكما ذكرت بان تاجيل الفكرة ليس في مصلحة الطرفين ولا يمكن لطرف ان يستغني عن طرف فالاردن له اهمية قصوى وحساسة جدا لمجلس التعاون الخليجي وخصوصا في خضم هذه الاوقات العصيبة من تاريخ المنطقة
ان قوة الاردن الاقتصادية والعسكرية وامنه الوطني والقومي يعني مما لا شك فيه قوة للملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي قوة ضرورية لاغنى عنها ، كما ان قوة مجلس التعاون الخليجي يدعم قوة الاردن فهناك مصالح مشتركة ملحة ولن يكون لاحد من الطرفين فيه فضل على الاخر بقدر ما ان الطرفين يكملان بعضهما اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وامنيا ففي هذا التعاون او الاتحاد قوة اصبحت ضرورية وملحة من خلال تحقيق فكرة انضمام الاردن الى مجلس التعاون الخليجي وبالسرعة الممكنة ، هذه الفكرة التي هي من بنات افكار خادم الحرمين الشريفين ورؤياه الثاقبة لدرء المخاطر المحيطة بالسعودية والخليج والاردن ، فمن الشرق فان مخاطر الصراع الايدولوجي السني الشيعي يشكل خطرا على السعودية والخليج وفي قوة الاردن العسكرية والسياسية ما يخلق التوازن للمنطقة كما ان شمال السعودية والخليج العربي يقع تحت خطر الفكر الصهيوني الذي يحلم بدولة اسرائيل من الفرات الى النيل ولا ننسى ماقالته في ايلات "جولدا مائير" رئيسة وزراء اسرائيل سابقا ومازال ما قالته في اذهان الاسرائيلين عندما قالت " انني اشم رائحة اجدادي في خيبر" ، بغض النظر عن الحقائق والمزاعم التاريخية والدينية ولكن هذا هو الواقع وتغيير الواقع لا يكون الا بالقوة سواء الاقتصادية او العسكرية ، ولا ننسى بؤر الصراع من الجنوب تهب على السعودية من صراعات اليمنيين من الحوثيين وزيديين وحراك الجنوب وتنظيم القاعدة وصراع قوى دولية على المنطقة وعلى مضيق هرمز وباب المندب.
فلماذا اذا هذا المد والجزر ولماذا اذا هذا التاجيل في قيام مجلس التعاون الخليجي الجديد القوي عسكريا واقتصاديا وسياسيا وامنيا واللذي سيشمل دول مجلس التعاون الخليجي حاليا وانضمام الاردن اليه لتتحقق له القوة المطلوبة.
اذا كان الخليج يمتلك ثروات هائلة من المال والنفط فان الاردن دولة في مستوى دول النفط ، فالصخر الزيتي والنفط والغاز والذهب موجود في الاردن حتى ان الاردن من اغنى دول المنطقة في اليورانيوم اضافة الى المناخ والسياحة والزراعة ولا ننسى ان ملايين من المفكرين والعلماء والمهنيين والمدرسين والمهندسين من ابناء الاردن قد ساهموا في بناء واعمار الخليج الى جانب اخوانهم من دول مجلس التعاون الخليجي وهم يشكلون اكبر واهم جالية مقيمة هناك وتساهم في الاعمار والبناء، كما ان جاليات من من دول مجلس التعاون الخليجي تجد من الاردن ومن سياسة الاردن مناخا طيبا للاستثمار والاقامة والسياحة والعلاج وملاذ امن للاقامة على مدار السنة وان استثمار اموال الخليج في استغلال النفط والذهب واليورانيوم الاردني قوة واعدة .
لقد اصبح احياء فكرة انضمام الاردن ضمن دول مجلس التعاون الخليجي فكرة مسيطرة على ضمائر كل المواطنين من هذه الدول ، لقد مرت فترة زمنية وهذه الفكرة تظهر وتخبو واليوم اصبحت ضرورة ملحة فلماذا التاجيل ولماذا لا ندرء الخطر قبل فوات الوان ، فالضمير العربي يتمنى على القادة في السعودية والخليج والاردن السرعة في احياء مجلس التعاون الخليجي الجديد لمصلحة كل الاطراف ولننظر الى ما يدور من حولنا في بلاد الشام ووادي النيل والمغرب العربي فاذا ما تحقق مجلس التعاون الخليجي الجديد فالكل سيستفيد وهذه امانة يجب حملها والمحافظة عليها دون تردد والظروف مهيئة بشريا وايدولوجيا وماليا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا وانني اذ اطرح ضرورة السرعة في احياء الفكرة حرصا على هذه المنطقة من المخاطر التي تحف بها من كل جانب والتي ان تحققت هذه الفكرة سيكون مجلس التعاون الخليجي المتضمن الاردن سيكون قوة مؤثرة في سياسة ورسم مستقبل المنطقة ولم يعد هناك وقت للمؤتمرات والمحادثات والتاجيل والتسويف واقتراح شروط ومعوقات لا وقت امام تنفيذها ، فهل من استجابة قبل فوات الاوان والندم على التفريط بالتعاون والتكامل وخصوصا ان ملوك السعودية وملوك الاردن كانو دائما ومازالوا دعاة الوحدة العربية والتعاون العربي.
ارجو من كافة السياسسن والمثقفين والمسؤولين واللذين يغارون على هذه المنطقة ومصالحها وحمايتها من المخاطر في مناطق صراعات اقليمية ان يتقدموا بافكارهم وارائهم النابعة من ضمائرهم الحية عسى ان يولد حوارنا الى دعم فكرة الاسراع في تحقيق المصالح العليا لدول الخليج العربي والاردن في صنع مجلس التعاون الخليجي الجديد اللذي سيحمي حدود السعودية الشمالية الغربية من بؤر الصراع وسيحمي السعودية والخليج بالقوة الاردنية المشهود لها من الجنوب والشرق بل وحتى على البحر الاحمر وفي هرمز وباب المندب .
ارجو ان يتحقق في حوارنا جميعا ما يؤرق ضمائرنا كأمة عربية لها استرتيجيتها وتطلعاتها في التعاون والتكامل والتعامل بقوة مع دول العالم من كافة الاعراق والاديان والايدولوجيات وعلى اساس الاحترام المتبادل وحماية المصالح المشتركة بقوة وشموخ ودون اية املاءات .
الدكتور ماجد محمد خليفه