في الموقف من قانون الانتخاب
د. اسامة تليلان
27-06-2012 03:05 PM
أظهرت جبهة العمل الاسلامي موقفا ثابتا تجاه قانون الانتخاب سواء بصيغته السابقة او بصيغته النهائية التي أقرها مجلس النواب والاعيان، في الصيغة السابقة طالبت الجبهة بفكرة القائمة النسبية المفتوحة ورفضت فكرة القائمة الحزبية المقيدة بشروط التي جاء بها القانون، رغم أن القائمة الحزبية تشكل وصفة جيدة لو كان عدد المقاعد بحدود 30% للبدء ببناء تعددية حزبية فاعلة في اطار البرلمان وخارجه لو اجريت الانتخابات بموجبها في اطار ثلاث أو أربع أحزاب سياسية فاعلة وجزء من اشكالية ضعف السلطة التشريعية وستسهم في توسيع دائرة المشاركين في العملية الديمقراطية والسياسية، فضلا عن أن تطبيق الفكرة سيحدث نقلة في ثقافة المجتمع تجاه الحياة الحزبية. والغريب أن عدداً من القوى والأحزاب السياسية تبع جبهة العمل الاسلامي في رفض فكرة القائمة الحزبية رغم انها كانت ستقدم لهذه القوى والاحزاب فرصاً افضل من أي صيغة اخرى. وبخلاف الجبهة لم تظهر قوى سياسية واضحة تجاهر بموقف واضح تجاه القانون ولم تقدم أي ملامح تذكر لقانون الانتخاب المطلوب.
وفي الصيغة النهائية للقانون التي أقرت على اساس القائمة النسبية التي طالبت بها الجبهة فقد اعادت الجبهة موقفها الرافض للقانون بسبب قلة عدد المقاعد المخصصة للقائمة النسبية وطالبت بزيادتها، وقد تبع الجبهة كذلك عدد من القوى والأحزاب في اطار التهديد بمقاطعة الانتخابات.
موقف الجبهة عبر بوضوح عن تمسكها بمصالحها بغض النظر عن مدى ما سيقدمه القانون من اسهام في عملية الاصلاح في بلد ما زال يعاني من اشكالية التعددية الحزبية، ففي الحالتين رفضت الجبهة القانون لانه لا يحقق مصالحها او مكتساباتها لأنه لن يمكنها من تشكيل اغلبية برلمانة سواء لوحدها أو بتحالفها مع قوى تقليدية, وفكرة الأغلبية ضاغطة وأساسية بالنسبة للجبهة كونها تشكل الطريق الأسرع لتمكينها من إجراء التعديلات الدستورية التي تريدها للوصول الى الحكم، وفي حال عدم مشاركتها واستمررها بموقفها المعلن أي مقاطعة الانتخابات ربما ستعود للتأكيد على مطلبها في التعديلات الدستورية عبر ضغط الشارع وهي تدرك انه الطريق الأصعب والأطول والذي لايخلو من المواجهات.
غير الجبهة في خارطة القوى السياسية يبدو المشهد غير واضح اذ لم تطرح القوى الأخرى رؤية متكاملة وواضحة لما تريد على صعيد قانون الانتخاب وبعضها ان حاول كان يفتقد للأدوات المؤثرة ، وربما كانت القوى التقليدية الاكثر تأثيرا لو ان مكتساباتها السابقة تعرضت للتغيير كما ان ممثليها في البرلمان هم من أقر صيغة القانون الحالي، اما السلطات الرسمية فموقفها ما زال قائما على اساس البحث عن صيغة قانون لا تبتعد في ثوابتها عن الثوابت التي حكمت القوانين السابقة وان بفروقات بسيطة.
تبقى الاشارة ان فكرة إصلاح النظام السياسي وإعادة بناء السلطة التشريعية تتقاطع كلياً مع فكرة الاستحواذ على أكبر حصة من عدد المقاعد النيابية من قبل تيار سياسي وتتقاطع كذلك مع فكرة وجود سلطة تشريعية ضعيفة بدون كتل برلمانية مستقرة واحزاب سياسية فاعلة وتتقاطع كذلك مع فكرة الحفاظ على الفردية في اداء النواب. واذا كانت البرغماتية ضاغطة واساسية في موقف الأحزاب والتيارات والتكوينات المختلفة وفي مقدمتها المعارضة من قانون الانتخاب في محاولة للاستحواذ على الاغلبية، فإن التفكير بعقلية الدولة في زمن الربيع العربي ينبغي ان يتجاوز فكرة ثنائية السلطة والمعارضة وان يتجاوز المحددات التي فرضت صيغة القوانين ونظم الانتخاب السابقة لصالح بناء سلطة تشريعية فاعلة تستند الى كتل برلمانية واحزاب سياسية في اطار من التعددية التنافسية الفاعلة والقادرة على استيعاب التفاعلات السياسية في اطار البرلمان، اشكالية الحياة السياسية والاصلاح السياسي في الاردن انه بات يقع بين ثنائية السلطة والجبهة، ولولا هذه الثنائية لما كان هناك معنى كبيرا لمقاطعة اي طرف للعملية الانتخابية وفي مقدمتها جبهة العمل الاسلامي.ـ الرأي
د. اسامة تليلان