عندما يتم ايواء اطفال ايتام ولقطاء ومجهولي النسب في مراكز ودور رعاية فان ذلك يعوضهم عن بعض حنان فقدوه بفقدان الحماية الاولى بسبب غياب الاب والام او تخليهما عنهم فتأتي هذه المراكز لتعوضهم عما فقدوه من اجواء اسرية يستظل بها غيرهم بينما هم قد رموا في الشوارع او عند حاويات القمامة ولكن المفاجأة او الصفعة او الضياع الذي يتفاجأ به هؤلاء الاطفال انه يقذف بهم هذه المرة الى الشوارع من جديد بعد ان يكونوا قد بلغوا سن المراهقة على سبيل المثال او ان متطلباتهم باتت اكثر الحاحا او انهم لا يعرفون احدا في المجتمع الجديد عليهم بعد ان تطردهم دور الرعاية والمراكز هذه وهم فاقدو كل شيء فلا توجد اي جهة في هذا العالم تؤويهم او حتى مستعدة لتقديم المساعدة اليهم فيهيمون على وجوههم من جديد وقد يتعرفون على اسر تقتل فيهم القيم والاخلاق وقد ينضمون الى عصابات ورفقاء سوء فتزداد مصائبهم عما يحملوه اصلا من صعوبات حياة.
هم اولاد وبنات يتم التعامل معهم باعتبارهم كتلة واحدة فبعض البنات يتم ارسالهن الى بعض النوادي الليلية فيرقصن ويغنين لبضع ساعات ثم يعدن من جديد في الساعات الاولى من اليوم التالي الى روتين حياتهن كفتيات مظلومات ومهمشات يخضعن للاساءات النفسية والمعنوية والجسدية ويتزوجن من اول من يطلب يد الواحدة منهن ليس لثرائه او جماله او نفوذه ولا حبا في تكوين اسرة بل انها الفرصة الوحيدة اليتيمة التي قد لا تتكرر فلا بد من التقاطها على الفور لتكوين عائلة باي مواصفات وتحت اي سقف وقد يكون مصيرها عذاب فوق عذاب.
واما القصص التي تقع داخل بعض دور الرعاية فمرعبة وقاتلة لا يمكن تصورها او تصديق انها تحدث في مجتمعنا الذي اقل ما يمكن ان يقال فيه انه محافظ لا يقبل التجاوز على عاداته وتقاليده ولكن ذلك لا يمنع ابدا ان يقع كل ما يتم الحديث عنه ويموت طفل بسبب الاهمال والسائق بلا اي مقومات علمية او عملية يصبح مشرفا اجتماعيا او تربويا ولا توجد كوادر فنية مؤهلة والرعاية الاجتماعية لا تصل الى الحد الادنى من المعايير الدولية فاين وزارة التنمية الاجتماعية التي هي صاحبة الولاية-والكل يريد ان تكون له كامل الولاية ولا يمارسها الا في حدود نفعها له-؟.
الاعتراف بالمشكلة والاعتذار عنها وعما سببته لا ينهي المشكلة ولا يعطيها القيمة اللائقة بها بل ان المطلوب المحاسبة والمكاشفة والعقاب ورفض التجاوزات وتحسين الاوضاع والعمل الجاد المخلص للتطوير والمعالجة ولمرة واحدة والى الابد على وعد ان لا يصار الى ارتكاب مثل هذه الاخطاء والتجاوزات من جديد.
قبل ايام استقال وزير امريكي لانه تسبب بحادث سير ونحن يموت طفل في المستشفى وبسبب خطأ طبي ونقول انه مات بعد ان نهشه او عقره كلب ليقول الطب الشرعي هذا كذب فماذا فعل المسؤولون عن ذلك؟ الجواب لا شيء وربما تلاوم المسؤولون في الادارات المختلفة حول كيف ولماذا ننشر غسيلنا الوسخ على الحبال اما موت الطفل في المستشفى فلا احد يهتم به.
اقول هذا وانا ارى الموظف في القطاع العام يستميت في الدفاع عن وجهة النظر الحكومية وعندما يتم التلويح بانه سيحال على التقاعد يرغد ويزبد ويهدد ويتوعد مجرد التلميح فقط بامكانية الاحالة على التقاعد فتصبح مصالحه اهم من كل شيء.
hamdan_alhaj@yahoo.com
الدستور