تركيا تصعّد ضد سوريا وتنسق مع الناتو
24-06-2012 07:30 PM
عمون - صعّدت تركيا من مواقفها تجاه إسقاط طائرتها من قبل الدفاعات السورية الجمعة الماضية، بعد أن قال وزير خارجيتها إن طائرة بلاده كانت في الأجواء الدولية حين إسقاطها، قبل أن تطلب أنقرة اجتماعا لحلف شمال الأطلسي (ناتو) لبحث الرد، وذلك وسط دعوات دولية لأنقرة ودمشق لضبط النفس.
وتطورت الرواية التركية للحادث اليوم بتصريحات لوزير الخارجية أحمد داود أوغلو قال فيها إن الطائرة لم تكن مسلحة وقد ظلت طريقها ودخلت سوريا خطأ، وبعدما أخطرها الجيش التركي بذلك غادرت سريعا، لكنها وبعد ربع ساعة استُهدفت دون تحذير على بعد 13 ميلا بحريا من الأراضي السورية، أي في الأجواء الدولية، مشيرا إلى أن السوريين يعرفون جيدا -عكس ما ذكرت دمشق- أنها طائرة عسكرية تركية، ويعرفون طبيعة مهمتها.
وأضاف في لقاء مع قناة تي آر تي التركية الاحد أن الطائرة لم تكن في مهمة تجسس، بل كانت تقوم بتدريب روتيني على نظام رادارات تركي، وتحدث عن تنسيق مع الناتو بشأن طبيعة الرد.
وتتضمن هذه الرواية تطورا عن تلك التي صدرت عن أنقرة أمس، حيث كان الرئيس التركي عبد الله غلقال إن الطائرة ربما خرقت عن غير قصد الأجواء السورية، دون أن يشير إلى أن إسقاطها جرى خارج المجال الجوي السوري.
وقد طلبت تركيا اليوم اجتماعا عاجلا لحلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي تنتمي إليه لبحث حادث إسقاط طائرتها.
وقالت متحدثة باسم الحلف إن مبعوثين من دول أعضاء سيجتمعون يوم الثلاثاء تلبية للطلب التركي.
وقالت وانا لونجيسكو "طلبت تركيا التشاور بموجب المادة الرابعة من معاهدة واشنطن لإنشاء حلف شمال الأطلسي، وبموجب هذه المادة يستطيع أي حليف أن يطلب التشاور في أي وقت في حالة إذا ما تعرض من وجهة نظر أي من الدول وحدة أراضيها أو استقلالها السياسي أو أمنها للتهديد".
حلف الأطلسي
كما ينص ميثاق الحلف -الذي تعتبر تركيا من أهم أعضائه- على الدفاع عن أي بلد يتعرض لهجوم.
أوغلو قال إن تركيا تنسق الرد مع الناتو(رويترز) وحذرت تركيا مؤخرا من أنها قد تلجأ إلى المادة الخامسة من معاهدة الحلف التي تنص على مثل هذا التحرك، بعد أن أطلقت القوات السورية النار في اتجاه الأراضي التركية.
وقد تحدثت صحيفة ديلي ستار صندي البريطانية اليوم عن أن مقاتلات بريطانية وضعت على أهبة الاستعداد، تحسبا لشن هجوم على سوريا، في ضوء إسقاط الطائرة التركية.
وقالت إن أية ضربة انتقامية تركية يمكن أن تعني زج بريطانيا بمقاتلاتها لدعم حليفتها في الناتو.
وكان أوغلو اجتمع في وقت سابق بالمسؤولين العسكريين والاستخباريين الأتراك، وهاتف قادة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وإيران ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون لإبلاغهم بالتقييم التركي لما حدث.
وجاءت تصريحاته لتضفي تطورا جيدا على قضيةٍ بدا أن مسؤولي البلدين حاولوا حتى الآن احتواءها.
وكان الرئيس التركي غل قال أمس إن الطائرة ربما خرقت فعلا الأجواء السورية، لكن عن غير قصد.
لكن غل حذر أيضا من أنه "لا يجب أن يخامر أيا كان الشك بشأن إجراءات الرد التي ستتخذ إن لزم الأمر".
ولم يحدد ماهية الرد، لكن وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي فاروق شيليك قال إنها قد تتخذ شكلا دبلوماسيا أو أشكالا أخرى.
اجتماعات تركية
وقد أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن الموقف النهائي لتركيا سيعلن بعد انتهاء التحقيق في الحادث.
واجتمع أردوغان بالمسؤولين الأمنيين الأتراك مرتين في أقل من 24 ساعة، كما يلتقي اليوم قادة أحزاب المعارضة.
وقد اعتبر كمال كيليكداروغلو -رئيس حزب الشعب الجمهوري (وهو أهم حزب معارض في تركيا)- إسقاط الطائرة أمرا غير مقبول، لكنه دعا لضبط النفس، في حين اتهمت أحزاب أخرى الحكومة بأنها السبب فيما جرى لـ"تدخلها" في الشأن السوري.
وكانت الصحف التركية أكثر تشددا في ردها على ما حدث فكتبت صحيفة الوطن مثلا "سيدفعون (السوريون) الثمن"، فيما حذرت صحيفة حريات من "إنه (الأسد) سيدفع الثمن".
وأسقطت الطائرة، وهي من طراز إف-4 وكان يقودها طياران، الجمعة بينما كانت تحلق فوق البحر قرب اللاذقية السورية، غير بعيد عن شواطئ منطقة صامانداغي التركية، حسب مراسل الجزيرة في أنقرة.
رسالة سورية
وقد اعتبر المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد المقدسي في لقاء مع محطة تلفزية تركية أن ما وقع ليس اعتداء على تركيا بل "دفاع عن السيادة" السورية، وأكد أن هوية الطائرة لم تعرف إلا بعد إسقاطها.
وبعد أن كانت أحد أشد حلفاء نظام بشار الأسد، تحولت تركيا إلى أحد أكبر منتقديه في مواجهته احتجاجات شعبية دخلت شهرها السادس عشر.
ويرى المحلل حسن كوني -الأستاذ في جامعة كولتور في إسطنبول- أن سوريا بإسقاطها الطائرة ربما أرادت استعراض قوتها بما لديها من أسلحة روسية "لتثبت أنها ليست ليبيا" التي استهدفتها غارات الحلف الأطلسي في صيف 2011.
وقال لشبكة إن تي في الخاصة "كأنهم يقولون: احذروا إذا فكرتم في مهاجمتنا".
وقد أثارت تركيا قبل أشهر احتمال إقامة منطقة عازلة أو ممر إنساني داخل سوريا، لكنها أكدت أن ذلك لن يحدث إلا بتفويض من مجلس الأمن.
وتؤوي تركيا عشرات آلاف اللاجئين السوريين، كما تحتضن معسكرات للجيش الحر على حدودها، لكنها تنفي تسليح المعارضة السورية أو السماح بذلك على أراضيها.
وقد تزامن إسقاط الطائرة مع نشر صحيفة نيويورك تايمز تقريرا عن عناصر من الاستخبارات الأميركية انتشروا في تركيا لمراقبة شحنات أسلحة تقدمها تركيا وبلدان عربية إلى المعارضة.
دعوات دولية
وقد وجهت إيران والعراق وألمانيا والأمم المتحدة دعوات لتركيا وسوريا لضبط النفس وأبدى الأمين العامبان كي مون أمله في معالجة الموضوع دبلوماسيا، فيما دعا وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي للحوار سبيلا لفض الخلاف، بينما عبر وزير الخارجية الألمانية غيدو فيسترفيله عن "بالغ انشغاله"، داعيا لتحقيق شامل في الأمر، ومرحبا بالرد التركي "الهادئ".
وكان تحذير وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري من تداعيات النزاع أكثر تحديدا، عندما تحدث عن توتر قد ينتقل إلى دول الجوار وبينها العراق ولبنان والأردن، وتركيا نفسها.
المصدر: وكالات