مبروك .. "عندنا قانون انتخاب دائم"!!!
جهاد المنسي
24-06-2012 03:49 AM
اليوم ينهي "الأعيان" مناقشة مشروع قانون الانتخاب وإقراره، وذلك قبل يوم فقط من انتهاء الدورة العادية الثانية الممددة، وبذا ينهي القانون دورته التشريعية، ولم يتبق سوى توشيحه بالإرادة الملكية، وصدوره في الجريدة الرسمية، ووفقا لذلك يصبح لدينا منذ عودة الحياة الديمقراطية قبل نحو 23 سنة، قانون انتخاب دائم، وليس قانونا مؤقتا.
مبروك لنا جميعا، أخيرا "عنا قانون انتخاب دائم"، وحققنا الهدف الذي وضعناه نصب أعيننا بأن ننقل قانون انتخابنا المؤقت الحالي الذي جرت بموجبه كل انتخاباتنا السابقة من وضعه السابق (المؤقت) إلى وضع جديد (دائم).
فيا أيها المطالبون بالإصلاح عودوا إلى بيوتكم، ولا تصدعوا رؤوسنا كل جمعة بمسيرات واعتصامات ومهرجانات، فقد تحقق ما تطالبون به، وأصبح لديكم قانون انتخاب دائم، أتريدون شيئا غير ذلك، وهل هناك ما يمكن أن يتحقق أكثر.
أيتها القوى السياسية والحزبية والشبابية والعشائرية والشعبية، هنيئا لكم، فقد بات لديكم قانون انتخاب دائم!، وحققتم ما تطالبون به، وهل بعد ذلك انجاز، المهمة أنجزت، وبات لدينا قانون انتخاب لا تنفع في تجميله كل مساحيق التجميل الفرنسية ذات الماركات المعروفة، أتريدون أكثر.
ما حصل كأننا كنا نبحث عن انجاز قانون انتخاب دائم أكثر من بحثنا عن قانون إصلاحي، والنتيجة أننا أخرجنا قانون انتخاب أعرج هو إعادة إنتاج لقانون الصوت الواحد الحالي الذي قلنا سابقا إننا دفناه، ثم جاء الرئيس الحالي فايز الطراونة ليقول لا تفرحوا كثيرا، فالصوت الواحد لم يدفن، وهو ما حصل بالفعل والتطبيق والتشريع، فقد كان الرئيس الطراونة على حق، وكان يستشعر ما سيحصل في قادم الأيام.
اشبعتمونا تجارب، وفي كل تجربة تقولون الديمقراطية وليدة، والأحزاب عندنا لم تجذر حتى الآن، وهناك حقوق مكتسبة لا يجوز التلاعب بها، إضافة إلى قائمة طويلة من المحاذير التي ترفضون الاقتراب منها.
لماذا تشعروننا أنكم حريصون على الوطن وبنيانه وتراصه وأطيافه وعشائره، وغيركم لا يلتفت لكل ما تشيرون إليه، ولا يرى ما ترونه؟، وكأنكم الوحيدون من تملكون الرؤية، وغيركم لا يرى شيئا، ليس لديه القدرة على تقدير الأمور.
ألم يكن أعضاء لجنة الحوار الوطني من رجالات الوطن؟! ألم يكن لديهم نظرة ثاقبة هم أيضا؟، ألم يكن لديهم "حس" تقدير الظروف والمعطيات؟، الم يكن أولئك يعرفون ويقدرون موضوع الحقوق المكتسبة؟، ورغم ذلك أوصوا بمشروع قانون متكامل لقانون الانتخاب يختلف بالمطلق عما جرى إقراره، قانون انتخاب يفتح "طاقة" للعمل السياسي والشعبي، وينقل البلاد والعباد من المربع الحالي إلى مربع أرحب من مربعات الإصلاح المنشود، قانون كفيل بتحقيق العدالة للجميع دون أن يخلق تباينا بين هذا وذاك.
وقبل ذلك ألم يكن أعضاء لجنة الأجندة الوطنية من رجال الوطن أصحاب الرؤية الاستشرافية؟، ومع ذلك أوصت لجان الحوار الوطني والأجندة الوطنية بـ"دفن" الصوت الواحد، ووضعت رؤى مختلفة عما خرج به مشروع قانون الانتخاب الحالي.
أيها السادة كفاكم مراوغة، الحقيقة أن كل من التقيتموه أثناء بحث مشروع قانون الانتخاب من مؤسسات وأحزاب ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني ...الخ، طالبوا جميعا بـ"دفن" الصوت الواحد، ورغم ذلك خرجتم علينا بقانون يفرز عددا أكبر من عدد أعضاء مجلس النواب الحالي عن طريق الصوت الواحد (123)، فلا تقولوا لنا إن توصيتكم تأتي في سياق النقاشات التي تمت، إلا إذا كنتم دخلتم في نقاش مع جهات غير معلومة لنا، واتفقتم على ما اتفقتم عليه.
أخيرا أضع بين يدي "عقل الدولة" المقترح التالي، بأن يخرج قانون الانتخاب الحالي بالشكل الذي تم التوافق عليه بين غرفتي التشريع، ومن ثم وعند الدورة الاستثنائية المرتقبة يتم إدراج مشروع قانون معدل للانتخاب يقضي بتعديل المادة الثامنة المتعلقة بالنظام الانتخابي وهي محور الخلاف في وجهات النظر، وهذا أمر بسيط يمكن أن يجري التوافق عليه في الدورة الاستثنائية المتوقعة، فلماذا لا نفعل ذلك ونجلب الكل إلى قبة البرلمان، ومن خلال تعديلات جوهرها "لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم".
Jihad.mansi@alghad.jo
الغد