قمة ريو بعد عشرين عاما: حصاد الخيبة
باتر محمد وردم
23-06-2012 04:45 AM
انتهت أمس أعمال مؤتمر الأمم المتحدة العالمي حول التنمية والبيئة، أو ما اصبح يعرف بقمة الأرض ريو + 20 وذلك بمناسبة مرور 20 عاما على المؤتمر الأول الذي شهد نجاحا باهرا وتم فيه إطلاق الغالبية العظمى من مبادرات التنمية المستدامة التي طبقتها كل دول العالم تقريبا بمستويات متفاوتة من النجاح.
غابت الإرادة السياسية عن المؤتمر الحالي مع غياب قادة الدول الكبرى كما غابت الالتزامات بدعم جهود التنمية. الأزمة الاقتصادية الأوروبية واستحقاقات الانتخابات الرئاسية الأميركية كانت من العوامل الكثيرة التي أسهمت في تخفيض المشاركة السياسية وكذلك الأمر في الدول العربية التي غاب قادتها عن المؤتمر بسبب التطورات السريعة في المنطقة.
الإعلان الختامي للمؤتمر تضمن كثيرا من الفقرات الإنشائية التي لا يختلف عليها اثنان ولكنها لا تتضمن اية أدوات تمويلية أو تكنولوجية تسهم في دعم تحول الدول النامية نحو وسائل إنتاج واستهلاك وتنمية أقل تلويثا للبيئة وأكثر حرصا على الموارد الطبيعية وعلى العدالة الاجتماعية. نحن نعيش اليوم في عالم منقسم حيث تحاول الدول الأوروبية والغربية الحفاظ على أكبر نسبة من مواردها المالية، وتطالب الدول النامية ببذل المزيد من الجهد ومن مواردها الخاصة للمساهمة في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
وفي المقابل تتهم الدول النامية نظيرتها الصناعية بالنفاق ومحاولة فرض شروط بيئية مجحفة على نموها بعد أن تمكنت الدول الصناعية من تحقيق خطوات كثيرة في النمو المرتكز على نهب موارد العالم الثالث واستغلال العمالة البشرية بأرخص الأسعار. في واقع الأمر فإن مواقف الدول النامية والصناعية معا تتميز بالنفاق واللامبالاة والتركيز على المصالح الخاصة، ومن الواضح أن الحكومات في كل دول العالم لا تبدي اهتماما حقيقيا بالتنمية المستدامة باستثناء دول قليلة جدا وأن تحقيق أي تقدم حقيقي في التنمية الستدامة يجب أن يعتمد على جهود المجتمعات والقوى الشعبية في كل الدول والتي تشترك بالمطالبة بالحقوق البيئية وحماية الموارد للأجيال القادمة.
مشاركة الدول العربية والتي تم تنسيقها عن طريق جامعة الدول العربية كانت محبطة، فكل بيانات هذه الدول تضمنت تشكيكا بأهداف المؤتمر وعدم التزام بتحقيق التنمية المستدامة من دون وجود تمويل خارجي. ولكن بعض الدول قدمت مواقف جيدة بشكل فردي ومنها الأردن حيث قدم وزير التخطيط كلمة باسم جلالة الملك أكدت جهود الأردن في تحقيق التنمية المستدامة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر وعدم اعتبار أرقام النمو هدفا بحد ذاته بل غاية لتحقيق هدف التنمية البشرية.
وكما قال الكثير من المراقبين فإن مدينة ريو دي جانيرو شهدت في الأيام الماضية كرنفالا من الاجتماعات والخطابات والنشاطات البيئية ولكن بمضمون قليل جدا من الالتزام الحقيقي والإرادة السياسية. وبعد قضاء أوقات استثنائية في المدينة الساحلية الجميلة ستعود الوفود إلى بلادها لتستمر في إدارة مسارات التنمية بالطرق البعيدة عن النجاح وتستمر خيبة الإحباط لسنوات قادمة، ربما إلى ريو + 30
batirw@yahoo.com
الدستور