الاصرار على تكرار المشهد السياسي
د.رحيل الغرايبة
22-06-2012 04:27 AM
إن الإصرار على قانون الصوت الواحد، يعني بشكل مؤكد إعادة صورة مجلس النواب الحالي، الذي أصبح محلاً للتندر في أوساط الشعب الأردني، وفي أوساط الكتاب الذين أبدعوا في وصف المشهد غير الحضاري الذي تم انجازه في جلسة النقاش والحوار حول اقرار قانون الانتخاب.
إن الذين يعتقدون بأنهم يقدمون خدمة للنظام عن طريق بذل الجهد للحيلولة دون تغيير المشهد السياسي القديم، وإعادة تكراره، عن طريق الاصرار على قانون الصوت الواحد، هؤلاء واهمون ومصابون بقصر النظر الذي يكاد يصل الى عمى الألوان أو العشى الليلي، فما يفعلونه يضر بالنظام اضراراً بليغاً، ويلحق الضرر بالدولة، اضافة الى الاساءة الى الشعب الأردني الذي كان يطمح الى إنجاز نموذج متميز في الاصلاح عن طريق التوافق العام بين كل الأطراف السياسية وجميع مكونات المجتمع الذي يفضي الى اصلاح حقيقي ومقبول، من دون عنف وصدام دموي، كما يحدث في بعض البلدان المجاورة.
إن قانون الصوت الواحد الذي أدى الى فرز ضيق ومحصور أدى بالنتيجة الى ايجاد مجلس غير سياسي، وغير مؤهل للقيام بدوره المطلوب على صعيد الرقابة والتشريع، وغير مؤهل لتقدير المصلحة وغير مؤهل لتقديم المشورة وليس مستأمناً على المصالح العليا للشعب الأردني، مما يجعله عبئاً على صاحب القرار وعبئاً على الحياة العامة، وعبئاً على الموازنة، وإن إضافة (17) مقعداً للمجلس لا تسمن ولا تغني من جوع، ولن تؤدي الى إحداث تغيير حقيقي في بنية المجلس وفاعليته السياسية، مما يؤذن بتكرار المشهد السابق الذي كان من أهم عوامل اذكاء روح الثورة في الأوساط الشعبية.
إن المصلحة الحقيقية للدولة الاردنية تكمن في التقدم نحو إرساء معالم الدولة الحديثة التى يعظم فيها دور الشعب في المشاركة في صناعة القرار وتحمل المسؤولية، والتي ينتفي فيها دور الفاسدين والمفسدين ويتم ازالة الطفيليات والطحالب الخضراء التى تطفو عادة فوق المجتمع الخامل وغير المتحرك، ويكون الشعب قادراً على اختيار الأمناء الأكفياء الذين يحظون بأكبر قدر من التوافق الشعبي والثقة الجماهيرية التى تؤهلهم وتمكنهم من التعبير عن مطالب الناس وطموحات الشعب الأردني بالتقدم والرفاه واللحاق بركب الأمم المتقدمة، مما يقتضي عدم الاستعجال بإقرار هذا القانون المسخ، والاقدام على خطوة جريئة، نخلص الأردن من هذا المأزق وملامح الأفق المسدود، ويجب البحث عن الخيار الذي يجنب الشعب الأردني الدخول في نفق الإحباط السياسي الذي يحمل بذور الفتنة، وإن الذين يقدمون النصيحة بغير ذلك فهم لا يقرأون المشهد بدقة .
rohileghrb@yahoo.com
العرب اليوم