"الفن" المفضل للمواطن اليوم: فن كاذب بابداع خير من ... فن صادق بلا اقناع!
في زماننا هذا, زمن الرويبضة , وزمن لكل كاذب نصيب, يجلس الصادق فيه جلسة المهمش الخائب على مقاعد البدلاء, لكثرة الاعبين "الكاذبين" المهرة, الجاهزين والمجهزين, في جميع ملاعب ومسارح الحياة بشتى فصولها وتعدد أدوارها. فاللاعب والفنان "الصادق" لا يستطيع المنافسة ولا الفوز بأي شكل من الاشكال طالما هو "صادق", لانو المخرج والملعب والمسرح مش معو, ولأن المشاهدين الجمهور لم يعودوا يقتنعوا بوجود شخصية "الصادق" الا في القصص الخرافية واساطير الاولين وعليه, يفضلون شخصية تحاكي الواقع! اما الكذب اليوم, فله جماله وسحره وجاذبيته, عدا عن خفة ظلّه ودمّه, فأصبح منا وفينا, وعليه أصبح الفن المراد والاعب الشعبي والمحبوب والأوحد بيننا. المواطن اليوم, في زمن الضنك والقحط, "بدو اي شي يضحكو" حتى لو علم انه هو المضحوك عليه, ولكن بمزاجه. هذا ما ادركته الحكومه ولم تدركوه, فاتقنت دورها وعملت كل جهدها وفنّها على "سعادتة" واضحاكه.
لعل احدى الاسباب الرئيسية وراء تدني فعالية الدور الفني المحلي والتمثيلي على وجه التحديد, يعود الى منافسة الحكومة ليس فقط على لقمة عيش المواطن فحسب بل في منافسة الممثلين في لقمة عيشهم وذلك بالتغلب عليهم في الاداء الفني والابداع التمثيلي في شتى الادوار:
في الفن "التراجيدي": الحكومة "تبكي" مع الشعب على سوء أحوالة الاقتصادية!
لا يستطيع أي فنان أردني ولا حتى هولوودي, ان يلعب دور "المواطن الصالح" ليقتطع جزء من راتبه تضامنا مع أخية المواطن بغض النظر ان كان في الأصل يعتاش من هذا الراتب أم لا وبغض النظر ان كان هو السبب وراء فقر وجوع "أخيه المواطن" ام لا! فبكاء الأول يعتبر مصدر ضحك الثاني ومن هنا يتجلى الفن والتمثيل بأن ترسم الابتسامة والضحكة على وجوه الاخرين في ذات الوقت الذي تبكي فيه على أخيك.... فن "التضحيه" متلا!
في الفن "الكوميدي"
في هذا النوع من الفن, حدّث ولا حرج, كونه يخرج علينا هذا الاداء المنفرد في كل دور وفي كل تصريح تقوم به الحكومة اليوم. فاذا اراد اي "فنان" ان يصبح مشهورا او ناجحا, عليه تقليد او انتقاد الحكومة "أم الفنانين" ليحظى بالشعبيه والنجاح. من جهة اخرى, من يستطيع من الفنانين اليوم, ان يقوم بدور البطل والفاسد والحرامي والمناضل والشاعر والاقتصادي والسياسي في شخصية واحدة ويتعرض لجميع انواع الرصاص والقذائف والانتقادات ولا يتأثر ويظل مبتسما؟؟ بالتاكيد لا يستطيع ولا حتى اكبر فنانين بوليوود الهندية القيام بذلك, وقد لا نستغرب يوما ما القضاء وانهيارالسينما الهنديه بسبب النافسة في الخيال والابداع التمثيلي "الاردني".
الخاتمة: الى الفنانين الاردنيين.. هيك مسرحية بدها أدوار وأبطال مختلفين!
ان المعضلة في شكوى الفنانين تعود الى كون الفنانين تعلموا الفن ولكن لم يعيشوا "الفن" واحترفوا التمثيل ولكن لم يتمثلوا .ومن هنا, ان نقطة ضعفهم للأسف تعود الى صدق دعواهم وحسن نواياهم تجاة الوطن والمواطنين, وعليه, مشكلتهم صعبه كتير في هذا الزمان الأغبر. الحل, من مبدأ هيك مضبطة بدها هيك ختم, قد يكمن في "شطب" "شهادات الفن التمثيل" التي حصلوا عليها والبدء في التعلم من جديد, من الأصل ومن المنبع مباشرة, وفقط بالتأمل في حركات وتصريحات الحكومية وقدرتها على التأثير. عندها, سيتم منافسة الحكومة في دورها التمثيلي وسيتم استقطاب المشاعر الجماهيريه الى جانبهم, وشتلبى مطالبهم وهم في بيوتهم وهم في سبات عميق وليتركوا الاعتصامات والاحتجاجات للذين لم يتعلملوا بعد فن الفهلوة والتمثيل على أصوله .
Dr_waleedd@yahoo.com