لا يمثل أعضاء ومنتسبو ومؤيدو الأحزاب السياسية الأردنية أي خطر على امن ومستقبل البلاد ، هم أبناء هذا الوطن وحريصون على مصالحه ، ليسوا مأجورين أو متآمرين ، ونحن هنا لا نقيس على الشواذ فهناك من يحمل أجندات دخيلة ومصالح ضيقة إلا أنهم لا يمثلون شيء أمام السواد الأعظم من منتسبي هذه الأحزاب المخلصون والمنتمون لتراب هذا البلد الطيب ، إذن لماذا نخاف أن يكون لهذه الأحزاب تمثيلا كبيرا نسبيا في مجلس النواب الأردني القادم ، لماذا نخاف أن نخرج بقانون انتخاب يعطيهم الفرصة للعمل السياسي والحزبي المنظم .
إلى متى سنبقى ننظر إلى الاعتبارات الأمنية المشددة إزاء أي قانون انتخاب نحاول أن نخرج به ونحرص من خلاله على حصار هذه الأحزاب لتحديد تمثيلها وتواجدها إلى أضيق الحدود الممكنة ، أليسوا مواطنين أردنيين ، أليس لهم الحق الدستوري بالمشاركة في الحياة السياسية وتداول السلطة ، أليس وصولهم إلى المجالس المنتخبة تعبيرا على رغبة أبناء الشعب وأطيافه ، هل في توجهاتهم ومبادئهم خروجا على الدستور وسيادة القانون ، هل هم أحزاب غيرة مرخصة أو تمارس العنف والإرهاب ، أليس هناك قوانين وأنظمة يخضعون لها و تعطيهم الحق في الوجود والتعبير عن الرأي فلماذا إذن نخاف .
التجربة وحدها التي تعطينا الحق في إصدار الأحكام الصحيحة على مسار الحياة الحزبية في الأردن ، ولا نقبل بالأحكام المسبقة المبنية على الحس الأمني والخوف الغير مبرر من التمثيل الحزبي الكبير نسبيا في الحياة السياسية ، فقد أثبتت الأحزاب السياسية الأردنية من خلال تجربة الربيع العربي أنها تتمتع بالحكمة والتوازن وتتجنب العنف وتتخذ من الحراك السلمي قاعدة تنطلق منها للتعبير عن الرأي وإيصال الصوت المنادي بالإصلاح ومحاربة الفساد .
لقد كانت التجربة الحزبية النيابية في مجلس النواب الحادي عشر في عام 1989 م الذي يشهد له القاصي والداني بأنه من انجح المجلس النيابية الأردنية وأفضلها أداء مقياسا ومؤشرا على توازن وحكمة الأحزاب السياسية الأردنية ، ونجاحها في المشاركة السياسية ، إذ حصلت جماعة الإخوان المسلمين على سبيل المثال في المجلس النيابي الحادي عشر على اثنين وعشرين مقعداً بالإضافة إلى رئاسة المجلس لثلاث دورات متتالية، كما شاركت بخمسة وزراء في عام 1991، وفي عام 1993 حصلت على سبعة عشر مقعداً، بعد إصدار قانون انتخابي جديد سمي بقانون الصوت الواحد، والذي يعد مؤشرا إلى توجه سياسي لمحاصرة الحركة الإسلامية وتقليل فرص نجاحها .
لماذا نخاف أن نعاود الكرة ونخرج بقانون انتخاب يسمح للأحزاب السياسية الأردنية التي تتمتع بالقبول والشعبية من المشاركة الواسعة في المجالس المنتخبة ، والذي لا أتوقع في حال سن قانون انتخاب ذو مساحة حزبية واسعة أن يتجاوز التمثيل الحزبي في أقصى حدوده ثلث أعضاء المجلس المنتخب ، فهل في ذلك خطر على امن الدولة ومستقبلها ، لماذا لا نجعل الحكم على الأداء الحزبي للشعب وليس للجهات الأمنية أو الحكومية مع تقديرنا واحترامنا لدورها المقدس في حماية امن واستقرار هذا البلد العزيز .
إذا أردنا الإصلاح السياسي الحقيقي والوصول إلى حكومات نيابية فلا بد من إفساح المجال للوصول إليها بالتشريع أولا وبالممارسة ثانيا لا أن ننادي بها ونغلق الطريق بوجه تطبيقها على ارض الواقع ، إنني كمواطن أردني حريص على وطني وأمنه واستقراره لا أرى أي ضير من إعطاء الفرصة لأي حزب أردني في الوصول إلى السلطة إذا كان يحظى بالشعبية اللازمة لذلك ، في هذه الحالة سيكون وصوله كما ذكرت سابقا بإرادة شعبية حقيقية و بمساحة ديمقراطية ترضي الجميع .
jamallawfirm@yahoo.com