هل سيبني الأردنيون ناطحات السحاب العمّانية؟
عماد عبد الرحمن
31-10-2007 02:00 AM
تثبت الأرقام المعلنة،ان الشباب الأردني لا يمانع على الإطلاق في العمل بالمهن الإنشائية والعمرانية،التي لا تزال حتى اللحظة حكرا على العمالة الوافدة، بدليل تقدم نحو 15 ألف شاب أردني للمنافسة للفوز بفرصة التدريب في الشركة الوطنية للتدريب والتشغيل. ومن بين آلاف المتقدمين سيحظى نحو 4 الآف شاب،بفرصة للعمل في الشركة التي قدمت امتيازات وضمانات صحية واجتماعية مغرية، وإلا لما كان هذا الإقبال غير المسبوق رغم الكثير من المبادرات السابقة الصادرة عن وزارة العمل ومؤسسة التدريب المهني.
هذه الفئة من الشباب هم في غالبيتهم من غير الحاصلين على شهادات علمية عالية،أي ثانوية عامة فما فوق، وبالتالي وجدوا ان العمل تحت مظلة مؤسسة عسكرية (القوات المساحة) مكسب حقيقي وضمان للمستقبل، ما أضفا على المبادرة جدية وشعور بالإلتزام نحو المتدربين،ليتحولوا الى كفاءات وطنية منتجة،بدلا من استمرار تذمر شبابنا من البطالة وشح فرص العمل التي توفرها الحكومة في مؤسساتها المختلفة.
نشكو في الأردن من هيمنة العمالة الوافدة على قطاع الإنشاءات ، لدرجة ان هذه العمالة أصبحت تتحكم بالأسعار والورش، ومن منا لم يحتاج الى عامل او مهني لصيانة منزله، او بناء سور او رصيف خارج منزله او حتى تقليم أشجار الحديقة وصيانتها او غسيل المركبة خاصته او حراسة المنزل، كل هذه الأعمال محتكرة من العمالة الوافدة وتستفيد منها جيدا، وهي تدر عليها دخلا يفوق في اغلب الأحيان دخل خريج جامعي او معلم في مدرسة وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
قطاع الإنشاءات هو الأكثر استقطابا للعمالة الوافدة بحكم صعوبة العمل فيه لكن ذلك يعوض أمام ارتفاع عوائده، ونتمنى للشركة الوطنية النجاح في هذه المهمة الوطنية، لكن هناك العديد من القطاعات الأخرى التي لا تزال بحاجة الى مبادرات مثيلة في ميادين الزراعة والحراسة،وهي مهمة غير مستحيلة في ظل إقبال الشباب الأردني على مهن كانت تصنف على انها محتكرة من الوافدين، وهم يتحكمون بها على مستوى الأسعار والعرض والطلب.
قبل نحو عام، بدأت احدى الشركات ببناء أول برجين في عمان سيصبحان معلما أساسيا من معالمها، لكن للأسف تبين ان من يبني هذه الأبراج عمالة وافدة على الأغلب،وإقتصر دور الأردني على الإشراف والمراقبة وفي نطاق محدود، رغم ان العمل في مثل هذه المشاريع الكبرى يعتمد على (الآلة)، والقوى البشرية تقوم بدور إشرافي،في ظل تطور وسائل البناء والعمران،فمثل هذه البنايات كانت تحتاج الى سنوات طويلة من العمل،لكن الآن إذا سافرت خارج البلد لأشهر قليلة تعود لترى بنايات نصبت وكأنها بنايات جاهزة.
أمانة عمان،أعلنت وفي إطار مشروع المخطط الشمولي عن تحديد مناطق لبناء الأبراج،ما يعني أننا سنشهد في سنوات قليلة تغييرا جذريا في النمط العمراني السائد في العاصمة،كما ان المليارات ستنفق لبناء هذه الأبراج، لكن هل سيتم توجيه السياسات التنموية للتركيز على المضمون والعائد الحقيقي بدلا من استمرار التركيز على الشكل.
أي بمعنى هل سنرى العمالة الأردنية الخالصة هي من يبني هذه الأبراج والمجمعات،وبالتالي تعم الفائدة على المواطن والاقتصاد الوطني،بدلا من ان تذهب فائدة تلك الاستثمارات للشركات الأجنبية والعمالة الوافدة،هذه تساؤلات يجب وضعها بعين الاعتبار عند الشروع بتنفيذ خطط اقتصادية وعمرانية جديدة،كما ينبغي التحضير المسبق وبناء القدرات الذاتية لاستقبال القادم الينا،حتى لا نتحول الى مجرد مستضيف او متفرج؟!..اعتقد ان الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب مبادرة مهمة يجب دعمها وتعميمها.
*صحفي في جريدة الرأي