المركزي: 3 تحديات للمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي في المملكة
19-06-2012 04:20 PM
عمون - حدد محافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز ثلاثة تحديات رئيسة للمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي في المملكة تتمثل في احتواء العجز المتزايد في الموازنة العامة والمحافظة على الاستقرار النقدي وسلامة استقرار الجهاز المصرفي.
وقال المحافظ، في لقاء مع الأسرة المصرفية نظمته جمعية البنوك في المملكة لمناقشة التطورات الاقتصادية والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني، إن هناك ادوارا على الجميع تنفيذها لمواجهة التحديات وتعزيز الثقة بالنفس والقدرة على السير باقتصادنا الوطني في مسار النمو الشامل المستدام. وبين ان المملكة واجهت العديد من التحديات التي فرضتها تطورات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، التي انفجرت في عام 2008، وتداعياتها التي ما تزال تعصف باقتصادات العديد من دول العالم والمتمثلة في تراجع الطلب الخارجي على الصادرات الأردنية وتراجع مستوى التدفقات الاستثمارية المالية الواردة للمملكة وتراجع حوالات المغتربين ودخل السياحة، ما ادى الى تأجيل كثير من القرارات الاستهلاكية والاستثمارية من قبل الشركات والأفراد.
وأضاف إن التطورات الاقتصادية التي شهدها الاقتصاد الأردني في العام الماضي وبداية هذا العام بتأثير من تداعيات الربيع العربي فرضت تحديات إضافية على المملكة أفرزت حالة من عدم اليقين وساهمت في تعميق التراجع في الاستثمار الخارجي والداخلي.
وأشار الى أن المملكة واجهت عبئا إضافيا تمثل في تأخر المساعدات الخارجية المتوقعة ضمن موازنة هذا العام وكذلك انقطاع الغاز المصري وارتفاع أسعار النفط العالمية الأمر الذي زاد الاعباء على موازنة الحكومة وحجم المديونية وعلى فاتورة المستوردات من الطاقة وشكل ضغطا على ميزان المدفوعات.
وقال انه ترتب على ذلك تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي في المملكة بصورة واضحة خلال العامين الماضيين لتصل إلى نحو 5ر2 بالمائة في المتوسط، وذلك بعد ان حقق الاقتصاد الأردني نموا مطردا بلغ في المتوسط 6ر7 بالمائة في الفترة 2004-2009 وبقيت معدلات البطالة أعلى من متوسط معدلاتها في الشرق الأوسط بالرغم من انخفاضها في الآونة الأخيرة، مشكلة بذلك تحديا لا بد من استيعابه.
وأكد الدكتور فريز أن تباطؤ النشاط الاقتصادي وارتفاع التكاليف أدى إلى زيادة نسبة التعثر لا سيما بين الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، ما انعكس على ارتفاع مستوى الديون غير العاملة لدى الجهاز المصرفي "وقد يكون ذلك سببا في تحفظ البنوك في منح الائتمان".
وقال ان هذه التطورات أفرزت مجموعة من التحديات أمام صانعي القرار من اجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي في المملكة في الأجلين القصير والمتوسط، منها احتواء العجز المتزايد في الموازنة العامة، لا سيما تقليل حجم الكلفة التي تتحملها المالية العامة الناتجة عن دعم الطاقة، وإعادة الانضباط للمالية العامة في الأجل المتوسط.
ووصف فريز تحدي المالية العامة بــ"التحدي الأكبر" وقال: إن من العوامل التي أدت إلى تراجع أوضاع المالية التوسع الكبير في الإنفاق الحكومي وانخفاض الإيرادات المحلية خلال السنوات الثلاث الماضية والعودة عن سياسة تحرير المشتقات النفطية والذي ترافق مع انقطاع الغاز المصري وارتفاع أسعار النفط.
وأكد أن معالجة تحدي المالية العامة يتطلب معالجة العوامل السابقة بصورة متكاملة، باتخاذ حزمة جديدة من الإجراءات لترشيد الإنفاق العام خلال هذا العام في الأجل المتوسط، وتحسين الإيرادات من خلال اتخاذ خطوات ملموسة وفعالة تحسن كفاءة التحصيل الضريبي وتحد من التهرب الضريبي.
ودعا في هذا الصدد الى إعادة النظر بقانون ضريبة الدخل لتحسين العائدات الضريبية دون انعكاسها سلبا على عجلة النمو الاقتصادي والاستثمار، واتخاذ خطوات إضافية لمواجهة هذا التحدي بتوجيه الدعم الحكومي لمستحقيه، والعودة للعمل بآلية تسعير المشتقات النفطية حسب أسعار السوق والتي أثبتت فاعلية عالية في حماية استقرار المالية العامة قبل التوقف عن العمل بها. وفيما يتعلق بتحدي المحافظة على الاستقرار النقدي، قال محافظ البنك المركزي " لقد واجه البنك المركزي الضغوطات على ميزان المدفوعات خلال العامين الماضيين بمستوى مرتفع من الاحتياطيات الأجنبية لكنه ما يزال يحتفظ بمستوى مريح وآمن منها تمكنه من مواجهة هذه الضغوط كونها تتجاوز العديد من المعايير والمقاييس الدولية المستخدمة في تقييم مدى كفاية الاحتياطيات الأجنبية لأي دولة.
وبين محافظ البنك المركزي ان أهم معايير التقييم تتمثل في مدى تغطية الاحتياطيات للمستوردات بالأشهر والتي تبلغ حاليا خمسة شهور، مشيرا أنه ليس هناك في الأدبيات الاقتصادية حد أدنى لمدى التغطية الأمثل.
وأشار الى ان التقييم الموضوعي للبنك المركزي والذي يتطابق بشكل تام مع تقييم المؤسسات المالية الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي، يؤكد أن سياسة ربط سعر صرف الدينار الأردني بالدولار الأميركي ما يزال الخيار الأمثل والأكثر ملاءمة لخصائص الاقتصاد الأردني. وقال إن نظام إدارة الدينار اثبت جدواه وفاعليته وملاءمته للمتغيرات الأساسية الكلية للاقتصاد الوطني بما يضمن تنافسية الدينار الأردني، منوها الى ان اتباع هذه السياسة يشكل الركيزة المناسبة لدعم النمو الاقتصادي وتعزيز مقومات الاستقرار المالي والنقدي.
وأكد فريز وجود متغيرات ومؤشرات تؤكد إمكانية تجاوز تلك التحديات على الرغم من الصعوبات التي أفرزتها الظروف الإقليمية والدولية والمحلية، والمتعلقة بفاتورة مستوردات المملكة للطاقة، ترجع بشكل كبير لانقطاع الغاز المصري الذي تزامن مع ارتفاع أسعار النفط عالميا ما ادى الى ضغوط أرهقت كاهل المالية العامة.
وقال "إنها ضغوط مؤقتة من المتوقع في حال زوالها من خلال إنشاء رصيف لاستقبال الغاز أو عودة تدفق الغاز المصري، أن تخفض فاتورة مستوردات المملكة من الطاقة، والتي وصلت إلى نحو 6ر2 مليار دولار خلال الثلث الأول من العام الحالي، هذا إلى جانب انخفاض أسعار النفط العالمية خلال الفترة القليلة الماضية بحوالي 20 بالمائة وهو انخفاض من المتوقع له أن يستمر في الأجلين القصير والمتوسط وفقا للتوقعات الدولية ما سيؤدي الى انخفاض فاتورة المستوردات وفاتورة دعم الطاقة بشكل ملموس خصوصا بعد تعديل أسعار بعض المشتقات النفطية الذي تم أخيرا".
وأشار الى أنه رغم تراجع الطلب المحلي، فقد عاد الطلب الخارجي ليشهد نموا قويا "وهذا واضح من دخل قطاع السياحة الذي نما بنسب متسارعة خلال الشهور الخمسة الأولى من هذا العام وصلت إلى 6ر15 بالمائة ومن ارتفاع حوالات الأردنيين العاملين في الخارج للشهر الثالث على التوالي، حيث ارتفعت بنسبة 9ر1 بالمئة في شهر أيار الماضي".
وقال نأمل أن تستمر وتيرة التحسن في هذين المجالين نظرا لأهمية الدخل السياحي وحوالات العاملين في دعم وضع ميزان المدفوعات ورفد المملكة بالعملات الأجنبية، حيث بلغت ايراداتهما حوالي 3 مليارات دولار خلال الشهور الخمسة الأولى هذا العام، علاوة على دورهما في زيادة فرص العمل وتعزيز الاستثمار والمساهمة في مسيرة البناء والنمو الاقتصادي.
وأضاف "إن هذا يتطلب الاعتناء بأبنائنا العاملين في الخارج من خلال إيجاد إطار مؤسسي يعنى بهم ويستقطب المزيد من استثماراتهم وتحويلاتهم خصوصا في مجال زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يشكل الاردنيون في الخارج مصدرا أساسيا فيه". وبين أن الاستثمار الأجنبي المباشر، يعد من أهم قنوات التمويل التي تسهم في سد فجوة العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات، حيث شكل نحو 13 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط خلال السنوات الماضية.
وتوقع محافظ البنك المركزي بناء على التطورات الأخيرة، أن تصل نسبة الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 8 بالمائة هذا العام مقابل 10 بالمائة خلال العام الماضي.
كما توقع أن تؤدي المستجدات الإقليمية والاقتصادية الحالية إلى تعزيز نمو قطاع السياحة وإعطاء السوق الأردنية ميزة تفضيلية على الأسواق الأخرى في مجال الاستثمار الأجنبي والعمالة بسبب الاستقرار الذي تتمتع به المملكة.
ونوه الى ان استئناف حصول المملكة على المساعدات المتوقعة وعلى المبالغ التي رصدتها دول الخليج العربي لدعم المشروعات الاستثمارية في المملكة والبالغة 5 مليارات دولار، سيؤدي إلى تعزيز احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية، ما من شأنه أن ينعكس بصورة إيجابية على وضع ميزان المدفوعات ومعدل النمو الاقتصادي. بترا