ينفرد الدكتور مصطفى الحمارنة بمضمون مختلف في حملته الإنتخابية، فيعلن على الملأ بأنّه ليس مرشّحاً لعشيرة، ولا جهة، ولا دين، ولا طائفة، ومن المفرح أنّ كرة الثلج التي ميّزت عمله ما زالت تتدحرج، وتكبر، وفي بلد كمادبا، حيث تختلط الأصول والمنابت والديانتان، يبدو الأمر وكأنّه إختبار حقيقي للعمل السياسي الجاد.
وكنّا نتوقّع أن يسجّل حمارنة في الدائرة العمّانية الثالثة، باعتبارها ظلّت على الدوام مختبراً للآراء، وشهدت معارك حقيقية بهذا الخصوص، وحين سجّل في مادبا ظننا أنّ الرجل يلجأ إلى عشيرته، ولكنّ تطوّر الأحداث أكّد أنّه إستطاع نقل الدائرة الثالثة معه، فالسخونة التي نراها في بلد الفسيفساء، لا نتابعها في غربي عمّان.ونسمع من كثير من الزملاء الصحافيين والكتّاب أخباراً مُفرحة عن معركة مادبا الإنتخابية، فما بدأه حمارنة صار أشبه ما يكون بالمرض المعدي، فلا تستطيع الردّ على شعارات الوطن والإصلاح والوحدة والمساواة والعدالة ، بشعارات الفُرقة والإخراب والظلم والتقوقع العائلي المناطقي، وهكذا فالمتوقع من الأسابيع الثلاثة المقبلة أن تتطوّر معركة مادبا الإنتخابية لتشكّل حدثاً سياسياً بإمتياز.
ما جاءنا به قانون الصوت الواحد خطير، فقلّص حجم التنافس السياسي إلى حدوده الدنيا، وأعاد الناس إلى عصبويتهم على حساب إنفتاحهم، ولكنّ ما يقوم به مصطفى هو الردّ الجاد على آثار القانون المجحف، وما نتمناه من قلوبنا هو أن لا يكون الردّ قد جاء متأخراً، وبشائر التغيير حتى الآن تجعلنا في حالة تفاؤل.