مصر امام سيناريو التقسيم والانشطار
ماهر ابو طير
19-06-2012 04:17 AM
مصر امام كارثة كبرى، لان الثورة شيء، واعادة بناء الدولة بعد الثورة شيء آخر، وسواء فاز شفيق، او مرسي، فان لكل فوز منهما كلفته على الشعب المصري بعد كل هذه المعاناة.
اذا فاز مرسي فان الرئيس بلا صلاحيات، وبلا برلمان يدعمه، وهو اسير للجيش، وبهذا المعنى يكون رئيساً مشلولا، وسوف تتحرش به كل قوى النظام القديم، وقوى الثورة المناوئة للاسلاميين، وفوق ذلك ستتم محاربته عربيا ودوليا، اضافة الى احتمال توليد دولة مسيحية قبطية، من رحم الدولة الحالية ضمن سيناريو تقسيم مصر على اساس ديني، باعتبار ان اقباط مصر لا يؤيدون الاسلاميين.
اذا فاز شفيق، فهذا في الاغلب سيؤدي الى فوضى عارمة في مصر، لان الاخوان المسلمين لن يسكتوا، وكل قوى الثورة لن تسكت على عودة النظام، بل ان كثيرين يعتبرون شفيق اسما مستعارا لمدير المخابرات السابقة عمر سليمان، وعودة شفيق ستؤدي الى تأجيج الشارع المصري، مع قبول عربي ودولي، غير ان انتقام القوى الرافضة في مصر سيؤدي الى خلخلة الامور.
في كلتا الحالتين مصر ذاهبة الى وضع مأساوي وصعب جدا، لان صراع القوى لا يتوقف، ولان المكاسرة بين معسكرين، لا يتم حسمها، وفي حالة مرسي مثلا الذي صوّت له على الاقل نصف الشعب المصري، يتم التجرؤ عليه ونزع صلاحياته عمليا، وتنصيبه تحت وصاية العسكر في حال ثبوت فوزه، وسيتم توليد المشاكل في وجهه كل لحظة وحين، لكي يثبتوا للشارع ان للاسلاميين لعنة.
الفريق شفيق عسكري ايضا، وسيكون واجهة للمجلس العسكري، وهو امتداد لنظام مبارك، وكأن شعوبنا لا تجد طريقا ثالثة، فاما انظمة فاسدة يصير الترحم عليها سنة حميدة، واما ثورات لا تكتمل ويتم اجهاضها من الداخل، واللافت للانتباه في كل القصة ان مصر انشطرت الى معسكرات، وتمت اعادة ذات الصراع بين النظام العسكري والاسلاميين، وهو الصراع الذي بدأ منذ عهد عبدالناصر.
هناك قوى عديدة اقليمية ودولية تريد لمصر ان تنتحر تحت وطأة الثورة، لان مصر قلب العرب، ولان سقوطها في خانة التفكيك والصراع السياسي والديني، سيكون درسا لمن يفكرون بالثورات في دول عربية اخرى، ومصر اليوم ساحة معركة كبرى لكل هذه القوى، التي تتناطح ايضا على حساب المصريين، ولن تتركهم حتى يدفعوا ثمن ثورتهم.
بهذا المعنى لا شيء يدعو للتفاؤل ابدا، فلا النظام السابق رحم المصريين، ولا ورثة النظام السابق يحظون باجماع المصريين، ولا الاسلاميين يتم تركهم ليحكموا، وهي ذات تجربتهم في غزة والجزائر، ودول اخرى، وايا كانت السيناريوهات التي تتجه اليها مصر، فان السمات المشتركة بين هذه السيناريوهات تقول ان مصر نجحت في الثورة وفشلت في تثبيت مكتسباتها.
ايا كان وجه رئيس مصر المقبل، فسيكون اما عسكريا تابعا للمجلس العسكري، او مدنيا واقعا تحت تأثير العسكر وسطوتهم وقيودهم التي فرضوها، وبهذا الاتجاه يقال ان مصر اشهرت لاول مرة نفسها باعتبارها دولة يقودها العسكر، ايا كانت مسمياتهم او تعريفاتهم، او تقاطعاتهم مع العسكريين الفعليين.
مصر على مفرق طرق، وفي اتجاه التقسيم، ان لم يكن دينيا، فسيكون ذلك اجتماعيا وسياسيا، وقد افلح من اراد لمصر الانشطار، وان كان احد يتحمل المسؤولية فيما وصلت اليه مصر، فهو نظام مبارك الذي حكمها وهي عامرة، وسلمها وهي خاربة.
الدستور